الثقافة الاسلامیۀ
موقع إسلامي وثقافي الثقافة الاسلامية

واقع الفلسفة في إيران المعاصرة

0 227

   ندوة فكرية تحت« واقع الفلسفة في إيران المعاصرة » تناولت الاتجاهات الفلسفية والخطاب الفلسفي في ايران في العصر المعاصر. الندوة أقيمت بحضور جمع من الشخصيات السياسية والأكاديمية والدبلوماسية والإعلامية وهم: محمد جواد بیرمرادي- مهدي طاهریان- بهزاد مرتضایي- محمدعلي رمضاني- حسین شیخ الاسلام- علي اصغر فهیمی فر- حسین رویوران- ابراهیم متقي- محمد حسن زورق.

 

______

رمضاني: تعد الفلسفة البنية التحتية للمسار الفكري في كافة المجتمعات البشرية. رؤية الإنسان للكون-سلبية كانت أم ایجابية- تكونها الفلسفة. كما قال ارسطو: إذا اراد الإنسان أن يصبح فيلسوفا، علیه ان یتعلم قواعد الفلسفة، ومن أراد ذلك علیه ان یتفلسف ایضا. مهما یكن ان التفكیر الفلسفي صفة وجزء لایتجزأ من ذات الإنسان. وربما یمكن القول إن “النطق” في العبارة التي تقول: «الإنسان حیوان ناطق»، و”التأله” في عبارة الله جوادي الآملي التي یقول فیها: «الإنسان حي متأله»؛ تدلان علی ان التفكیر العقلاني جزء من ذات الإنسان. إن جوهر الفلسفة ومایطرح في المكاتب الفلسفية شأنت آخر مستقل لذاته، لكن ذات الفلسفة والتدبر والعقلانية والمعرفة وامتلاك رؤية وتحلیل تجاه الكون كلها صفات ممزوجة بذات الإنسان الأمر الذي یجعل من الفلسفة من القضایا الأساسية في دراسة الإنسان وحیاته. عندما نقوم بمعالجة القضایا الدينية ونبدأ بتفسیرها، نستعين بالفكر الفلسفي. علی سبیل المثال كان «نصير الدين الطوسي»(خواجه نصیرالدین طوسی) من العلماء الذين قاموا بربط الكلام بالفلسفة.. إن أفكار كبار شخصیات الثورة الإسلامية كالإمام الخميني(رض) والشهید مطهري، واية الله السید علي الخامنئي والعلامة الطباطبايي و..الخ؛ هي افكار فلسفية حیث انهم یؤمنون بالسنن الفلسفية على ضوء الحكمة المتعالية. وعلیه یمكن القول إن احدی المبادئ والأسس التي قام علیها الفكر الثوريوالذي قاد الثورة الإسلامية في إيران(عام1979)- هی طریقة التفكير الفلسفي لمفكري الثورة وقادتها.

عندما نرید ان نتحدث عن واقع الفلسفة في العصر الراهن علینا الاعتراف قبل كل شيء بأن للفلسفة في عالم اليوم تفاسیر ومفاهيم مختلفة. في تعالیمنا الإسلامية لدینا مفهوم الحكمة. هذه الحكمة بعض الأحیان یفهم منها علی مرادفة للفلسفة، لكن بعض الأحیان تظهر بعض أوجه التمايز بين الحكمة و بين مفهوم الفلسفة.. ومهما من امر فان هناك هناك علاقة وثيقة وتكاملية وأوجه تشابه كثیرة بين الحكمة والفلسفة. ولعلنا لا نجانب الصواب إذا قلنا:إن الفلسفة والحكمة مفهومان یحملان دلالة واحدة [خاصة في الفلسفة الإسلامية ولیس في الفلسفة المطلقة أو الفلسفة بمعناها العام].

قبل كل شيء علینا تحدید المعنی والمفهوم المراد من الفلسفة؛ فهل نقصد بالفلسفة الفكر العقلاني والاستدلالي، أم ثمة دلالات خاصة تتعدی معنی طريقة الفتكير العقلاني؟ فإذا كنا نقصد شیئا خاصا نكون قد دخلنا في حقل جدید. إذا اردنا ان نعرف الفلسفة بالموضوع؛ یكون موضوع الفلسفة(في الفلسفة الإسلامية) هو: «الموجود بما هو موجود»( مبحث فلسفيّ يسعى إلى تقديم نظريّة للوجود،). وإذا اردنا تعریفها بالغاية يقال انها علم أو معرفة نتاجها ان یصبح الحكيم أو الفيلسوف عالميا..

لقد جاء في الأسفارُ الأربعة( وهي موسوعة فلسفية إسلامية بقلم صدر الدين الشيرازي الشهير بـ الملا صدرا الشيرازي وصدر المتأهلين)، ان «صیرورة الانسان عالما عقلیا مضاهیا للعالم العیني». وربما تعد هذه العبارة« اتزعم انّك جِرمٌ صغیر و فیك انطوی العالَم الاكبرُ»؛ التي تنسب للإمام علي(ع)، ربما تعد إشارة إلی هذه الحقيقة.  وكذلك هذه العبارة القائلة: « الحكمة علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في الوجود بقدر الطاقة البشرية».

في تعریف المنهج الفلسفي نقول انها معرفة أو علم عقلي واستدلالي یبحث عن حقيقة الأشیاء. قبل الحدیث عن واقع الفلسفة واتجاهاتها لابد من معرفة التعاریف المختلفة للفلسفة لكي نتمكن من تحدید مصطلحات المجال الذي نرید معالجته. إذا تجاوزنا التعاریف والدلالات؛ نری انه علاوة علی القضایا التي تطرح في مجال الحكمة والفلسفة الإسلامية، نری موضوع الفكر النقدي–الذي بدأ بمحاولات كونت- یعد الیوم من المواضيع المهمة التي تطرح في المجالات الفلسفية. أي عندما تذكر مفردة الفلسفة یتبادر إلی الأذهان كل ماهو مرتبط بالمعرفة وسیادة العقل وما شابه ذلك. هناك اتجاهات فكرية تعتبر غاية الفلسفة التحلیلة هو ایضاح المفاهيم وشرحها. بعض المكاتب كالمذهب العلمي والبراجماتية والوجودية والظاهراتية تعتبر نفسها بأنها مكاتب فلسفية.

إن هذه المكاتب والمناهج الفكرية توسعت في البحث والدراسة إلی حد دفعت الشهید مطهري للقول بأننا لو أردنا اطلاق عنوان مناسب ومشترك لهذه المكاتب سوف نطلق علیها مكاتب الـ”لاعلم”؛ لأن أتابع هذه الماكتب یقومون بجمع كل ماهو غیر علمي ویجعلونه في خانة واحدة ثم یطلقون علی هذه المواضیع المركبة عنوان”فلسفة”. إن اتباع هذه المكاتب یؤمنون بأن المشتركات الموجودة بين الفلسفة الإسلامية وبين مكاتبهم(اللاعلم) ماهي إلا اشتراكات لفظية.

إذن عندما نرید ان نتحدث عن واقع الفلسفة في ایران، علینا أولا ان نوضح بعض القضایا ونحدد بعض التعاریف؛ فإذا كان المقصود هو الفلسفة الإسلامية؛ علینا ان نحدد بالضبط أي تعریف من تعاریف هذه الفلسفة؟ علی سبیل المثال، علینا ان نحدد هلل المقصود التعاریف المشائية أم الاشراقية أم الحكمة المتعالية أم تعاریف الفلسفة الكلامية؟ وإذا لم یكن المقصود الفلسفة الإسلامية؛ علینا ان نحدد هل المقصود من الفلسفة هو الفلسفة الغربية؟

بیرمرادي: كما تفضل السید رمضاني، ثمة تعارف مختلفة للفلسفة. برأيي اننا وقبل الدخول في صلب الموضوع، یجب ان نتوقف عند التعاریف ونعتمد تعریفا موحدا لمفهوم الفلسفة، لأن ذلك سیساعدنا علی تقديم إجابات مقنعة للأسئلة المطروحة.

أقترح اعتماد المعنی المعروف للفلسفة في مجتمعنا وهو التفكیر العقلاني. تفضلتم بأن الفلسفة یمكن تعریفها علی أنها”منهج”. برأيي لاتوجد أي مشكلة لو اعتمدنا هذا التعریف ایضا. یمكننا من خلال الأفكار التي نطرحها فهم الاختلاف في طریقة تفكیرنا بوصفنا مسلمين نمتلك فلسفة خاصة ومختلفة للفلسفة التي ظهرت في الغرب في القرون الماضية. فطريقة تفكرینا تختلف عن طریقة تفكیر الإنسان الغربي. من هنا یمكننا ان نقوم بدراسة واقع الفلسفة في إیران في العصر المعاصر.

إذا اردنا التطرق إلی واقع الفلسفة في إیران في العصر الراهن، قبل كل شيء نحتاج إلی تحدید المعنی المراد من الفلسفة. كما تعلمون للفلسفة تعاریف متعددة. في العالم الإسلامي ایضا لدینا عدة تعاريف عدیدة للفلسفة. هذا فضلا عن التعاریف الغربية لمفهوم الفلسفة. في الحضارة الاغريقية؛ يعد سقراط أول من استخدم مفردة”الفيلسوف” حیث اعتبر نفسه فیلسوفا، أي: محبٌ للعلم والمعرفة. حب العلم والمعرفة الذي هو جزء من حب الله.. هناك تعاریف للفيلسوف النمساوي “لودفيغ فيتغنشتاين” الذي رفض أي أثر للفلسفة في تقديم تفسيرات للعالم وما يدور فيه.. ويقال إن الفلسفة هي الهاجس الذي كان یساور القدماء عندما أرادوا معرفة حقيقية الأشیاء والتوصل إلی اليقين. مهما یكن، ثمة تعاريف متعددة للفلسفة، أما المعنی الذي ینبغي ان نعتمده في بحثنا هذا هو المعنی السائد والمتعارف علیه في مجتمعنا(أي المعنی الذي یتبادر لأذهان غالبية الأفراد عندما تتبادر إلی الأذهان مفردة الفلسفة).

 

طاهریان: بعض الأحیان طريقة التفكیر العقلاني تعني”بلغ ما بلغ”؛ وافقت معتقداتنا أم خالفتها. ابن سینا یقول: الجمیع یؤمن بالدین والسبب يعود إلی كون الدين امر تعبدي. ولدینا تقسيمات مختلفة للفلسفة في الغرب وفي الإسلام. في الفلسفة الإسلامية لدینا المنهج المشائي والحكمة المتعالية والمنهج الاشراقي. هذه التقسيمات تحدد لنا الطريق(في مایتعلق بالتعاریف)، لكن في تعریف الفلسفة بوصفها منهجا عقليا(الفكر العقلاني) يوجد اختلاف في الرؤي وتباين في الأفكار إضافة إلی الغموض الذي يلف هذا الموضوع.

 

بیرمرادي: أقصد الفكر العقلاني الذي یختلف نوعا ما مع العقلانية.

 

طاهریان: لا أدعو إلی اعتبار الفلسفة علی انها طريقة التفكیر العقلاني. الدلالة التي أرید ان نأخذها بعين الاعتبار دلالة ضيقة وأكثر خصوصية من التفكیر العقلاني، لتكون تدل علی ظروف وحالة خاصة في التفكیر.

 

رمضاني: هناك من یؤكد بأن طريقة التفكیر العقلاني هي التعریف الأنسب للفلسفة، بالإضافة إلی التأكید علی ان هذه الطريقة هي المنهج الذي تتبعه الفلسفة. أما النتيجة-الصادرة عن عملية التفكیر الفلسفي- بالنسبة لهؤلاء هي مجموعة معطیات مركبة توضح مواضع الالتباس والاشتباه..

 

مرتضایي: شخصیا عندما حصلت علی شهادة في مجال الفلسفة وانتهيت من دراستي الجامعية في هذا المجال؛ تكونت لدي فكرة مختلفة عن المعنی المتداول والمعروف عن الفلسفة في الأوساط العلمية. الآراء السائدة في مجتمعنا-هذه الأيام- متضاربة. السؤال الأساسي هو: ماهو المعنی المراد من الفلسفة الذي یمكننا ان نعتمده في بحثنا هذا؟ هل نعتمد المعنی السائد في المراكز العملية أم المعنی المتفق علیه في الجامعات؟

إذا أردنا معرفة فاعلية الفلسفة في المجتمع، وفي أي مواطن وحالات یمكننا ان نستعین بالفلسفة في العصر الراهن؛ أقترح القیام بتحدید مفهوم مشترك نبين من خلاله العناصر المكونة للبنية التحتية الثقافية والاجتماعية والسیاسية والاقتصادية(في مجتمعنا) ثم نقوم باستخراج معنی الفلسفة من داخل هذه المكونات والعناصر. وعلینا أن نبين ماهي الفلسفة التي تستند إلیها انظمتنا التعليمية والاجتماعية والسیاسية والاقتصادية وتكوّن خلفیاتنا الثقافية والاجتماعية والاقتصادية؟ إن طرح هذه المباحث یجعل البحث أكثر واقعية لأننا نتحدث عن البنی التحتية للعلم والثقافة والسیاسة والاقتصاد لبلدنا.

حول مفهوم الفلسفة المتداول في جامعاتنا اقول: إن كل ما یتم تداوله عن الفلسفة في جامعاتنا في الغالب هو عبارة عن إعادة قراءة(مكررة) للأعمال الفلسفية التي انتجت في الغرب. لاأدري ماهي المجالات البحثية التي تتطرق إلیها المراكز المعنية لكن الدراسات الفلسفية في الجامعات الكبری في طهران تتحمور حول إعادة قراءة للمؤلفات الغربية وبشكل عام فلسفة الغرب شخصیا لا أری أي جدید في هذا المجال. لاأدري إلی أي مدی یمكن تقبل هذا الادعاء لكنه رأيي الشخصي. هذا هو رأيي حول الدراسات الفلسفية وبشكل عام الفلسفة في ایران في العصر الحالي.

 

فهیمي فر: بما ان تخصصي هو فلسفة الفن والجمالیات أقول: إن الفلسفة في الغرب بالرغم من انها تحدد افقا للعمل والنشاط وبشكل عام تتمحور حول التنفیذ وتدعم النظام المعرفي.. لكننا لانری في الغرب أي نشاط وحيوية في مجال العمل والتنفیذ. بينما في فكرنا تكون الفلسفة هي عبارة عن قراءة للمنجزات الفلسفية في الشرق والغرب . إن أبعد وأكبر شيء یتم الحدیث عنه في الجامعات هو تاريخ الفلسفة الغربية  الذي كتبه القس اليسوعي الإنجليزي «فريدريك تشارلز كوبليستون». لاأحد يقوم أحد بتبيين دور الفلسفة في المجتمع. الثورة الإسلامية بالدرجة الأولی هي هيكلية ثقافية؛ أي انها تطرح سؤالين اساسيين: ماهو الكون وماهو الإنسان؟ لو تجاهلنا هذه الأسئلة ولن نقوم بتأويلهما كما ینبغي، سوف تتحول الثورة الإسلامية إلی عملية اصلاح سیاسي. لماذا الفلسفة في الغرب تهتم بأدق التفاصیل وتدعم كافة القاضایا؟ علینا ان نعالج هذا الموضوع بدقة.

في جامعاتنا هناك العدید من المحاولات الجادة في المجالات الفنية والمجماعالیات لكنها لا تتحول إلی مكاتب. التقنیات والأدوات ولغتنا المستخدمة في المجال الفني لاتستند إلی مبادئ معرفية فلسفية. نحن الآن لایمكننا خلق تقنیات جدیدة خاصة بنا، ومن جهة ثانية لا یمكننا الاستعانية بالتقنيات الغربية في سبیل خدمة مبادئنا الفكرية واحتیاجاتنا الثقافية. سبب ذلك یكمن في غیاب نظام معرفي خاص یدعم الفن والفروع المرتبطة بالفن كالسینما والشعر والأدب القصصي والرسم والعمارة. هذا هو السبب في عدم امتلاكنا لمكتب فني فلسفي كما هو متعارف علیه بشكل واسع. هذا الأمر یصدق علی كافة المجالات الاجتماعية. الفلسفة في مجتمعنا لاتدعم القضایا الاجتماعية. انها لاتساهم في اقتراح الأوجه الحضارية، بينما الفلسفة المادية في الغرب استطاعت ان تبني حضارة. في الغرب كافة الأسئلة(في الفروع الفنية) هي اسئلة فلسفية، الأمر الذي یوفر البيئة المناسبة لتكوین تجارب علمية ونافعة تساهم في تقدم المجتمع في المجالات الفنية. وهذا ما نفقده في مجتمعنا. وهنا لابد من التأكید مجددا علی اننا بحاجة إلی نظام عقلاني یساهم في ایجاد وئام بين التفكیر والعمل(بين التنظیر والتطبيق).

لاشك اننا لو سرنا علی هذا النهج یمكننا التنظیر لمعالجة العدید من الأزمات الاجتماعية، لكن إذا اردنا التركیز علی تحدید مواطن الخلاف والتباين بين حكمة ابن سینا وحكمة الإشراق، وان نركز علی تحلیل ما انتجه صدرالدين الشیرازي؛ لایمكننا ان نحصل علی نتائج(أي ان هذه العملية لاترشدنا ولن تساعدنا علی تحقيق الأهداف).

 

بيرمرادي: لقد دخلتم في مجال التحلیل والتشريح ومعرفة الإشكالیات. تفضلتَ بأن المقصود هو التفكير العقلاني ما جعلني اتصور بأن تعریفكم للفلسفة هو: انها عبارة عن عملية التفكير العقلاني. لقد أشرتُ سابقا بأننا وقبل كل شيء یجب ان نتفق علی المصطلح والمفهوم وثم نتوقف عند واقع الفلسفة(في إیران) ومن ثم نقوم بتشريح المفهوم ومعرفة إشكالیاته. مافهمته من خلال ما تفضلتم به-وهو یدخل في اطار التحلیل ودراسة الإشكالات- هو انكم ترون بأن واقع الفلسفة في بلادنا لایدعم سلوكیاتنا ومانقوم به بشكل یومي.

 

پیرمرادي: الماهية حالة انتزاعية لاتدفعنا نحو العمل. ماهو سبب ذلك؟  هل المقصود من الفلسفة هو الأفكار اللیبرالية السائدة في الغرب؟ أم المقصود منها هو الفلسفة المتعالية؟ هل المقصود ما تحدث عنه ابن سینا وصدرالدین الشیرازي وشهاب الدین السهروردي أم ما تحدث عن كونت؟ عندما نقول الفلسفة ماذا نقصد بالتحدید؟ هل نعني الفلسفة الشرقية أم الفلسفة الغربية؟ في جامعاتنا(بالتحدید في جامعة طهران) لا نری أي أثر لفلسفة ابن سینا ولا صدرالدین الشیرازي في المواد التي تدرس في فرع الفلسفة. لذلك نقترح في بداية الأمر تحدید المفهوم المراد من الفلسفة بالضبط.

هل المراد هو النظام العقلاني؟ أم طریقة التفكیر العقلاني؟ أم هي حب المعرفة وكشف الحقيقة؟ إذا حددنا المعنی المراد عند ذلك یمكننا ان نتحدث عن واقع الفلسفة في إيران؛ فإذا كان الوضع الراهن غیر مرض، علینا ان نحدد ماهي الأسباب التي أدت لذلك؟ وإذا كانت الظروف المحاطة بالفلسفة إیجابية ایضا نقوم بالبحث عن الأسباب التي تساهم في تحقيق هذه الظروف.

 

طاهریان: برأيي علینا تجاوز التعاریف والمفاهيم المختلفة للفلسفة. مهما یكن ان هناك تصورات وتعاریف مختلفة لهذا المفهوم. یجب علینا تجاور مرحلة التعاریف والتركیز علی الموضوع الرئيسي وهو واقع الفلسفة في إیران، وأحد الأسئلة المطروحة هو: لماذا الفلسفة في الغرب إيران غیر مجدية ولایمكن الاستعانة بها بشكل عملي بينما في الغرب توظف عملیا؟

 

رمضاني: إن الفكر العقلاني یطبق في كافة المواضیع والقضایا المرتبطة بالوجود والمعرفة والمجتمع والفن والصناعات. نستطیع الحدیث عن الحضارة وكل قضية وظاهرة أخری عبر الاعتماد علی المنهج العقلاني. عند ذلك سيكون حدیثا مختلفا عن الأبحاث التجربية البحتة والذوقية الخالصة.

إذن لاضیر في ان یكون لنا تعریفا موحدا مقبولا لدی الجميع، كما وانه لاضیر في اعتماد التعریف بالمنهج كالتعریف الموحد الذي یدور البحث حوله.

بطبيعة الحال، الفيلسوف یرفض كل شيء لایستند إلی أدلة. المطالبة بالحقوق هي احدی واجبات اليلسوف ومسؤولیاته الاجتماعية. من أهم فاعليات الفلسفة یمكن الإشارة إلی بناء الأنظمة. إن قضية بناء الأنظمة قضية منفصلة بحاجة إلی البحث والدراسة في مجالها الخاص. في تلك الدراسة علینا القيام بالبحث عن المنهج الذي ینبغي اتابعه في هذه العملية؛ هل نعتمد المنهج التقليدي في التكوين البناء(خطوة خطوة)، أم نعتمد المنهج الذي تحدث عنه «هربرت سبنسر » ( هو فيلسوف بريطاني وهو مؤلف كتاب ” الرجل ضد الدولة” الذي قدم فيه رؤية فلسفية متطرفة في ليبراليتها).. یعتقد اسبینر اننا ومن أجل معرفة الكون نقوم بتقسیم الظواهر إلی حقول ومجالات وفروع علمية كافیزیا والعلوم الانسانية و… ثم ومن خلال جمعها وجعلها إلی جانب بعضها یمكننا ان نحصل علی نظام فلسفي جدید، وهذه فاعلية أخری یطلق علیها فلسفة العلوم. إن هذا یدل علی اننا نستطیع القيام بهذه المهمة بصورتين. من القضایا المهمة المرتبطة بالفلسفة هي قضية مناهج النقد وطرقه واتجاهاته، إلی جانب انتاج وتحدید مباني العلوم. هذا ما ینبغي ان نتوصل له ونحققه في العصر الراهن.

إن أول من سعی لترجمة المؤلفات الغربية(الجدیدة) إلی الفارسية هو رجل یدعی”كونت دوكوبینو” وهو القنصل الفرنسي في إیران. إن هذه المحاولة یعود تاریخها إلی القرن التاسع عشر، حیث قام دوكوبینو بالتعاون مع رجل يهودي(كان موظفا في السفارة الفرنسية في مدينة تبریز)، قام بترجمة مقال ديکارت عن المنهج(مقال السيرة الذاتية الفلسفية قام بنشره رينيه ديكارت في 1637. اسمه الكامل هو مقال عن المنهج المتبع لحسن قيادة عقل المرء والبحث عن الحقيقة في العلوم) وذلک ” تحت عنوان”الحكمة الناصرية”. لقد قام المترجم بذكر اسم«دیاكرت» بدلا من «دیكارت». الترجمة الثانية لشخص یدعی”محمود افضل الممالك كرماني”. هذه الترجمة في زمن السلاسلة القاجارية لكنها نشرت بعد مرور عدة سنوات. الترجمة الثالثة كانت للسید فرغي. إلی جانب ذلك، لقد قام فروغي في سنة 1931 بتألیف ونشر كتاب تحت عنوان”المسار التأريخي للحكمة في اوروبا”. الملفت للانتباه هو ان السید فروغي یذكر في مقدمة الكتاب في طبعته الأولی بأن الهدف من تألیف الكتاب هو الحدیث عن أصالة العقل أو العقلانية الغربية الجدیدةبالطریقة الديكارتية.(العبارة حذفت في الطبعة الجدیدة للكتاب). مؤلف الكتاب یؤكد بأنه یرید تعریف القارئ الإیراني بأصول العقلانية الغربية. ظهر مترجمون اخرون ایضا أكدوا بأن الهدف من ترجمة المؤلفات الفلسفية الغربية الجدیدة هو شق الطریق أمام الباحثين لمعرفة هذه الفلسفة. هذه العبارة هي نفس العبارة التي ذكرها السید بدیع الممالك میرزا، حیث قال: انه یهدف إلی تعریف القارئ الإیراني بالبنی الفكرية الغربية وعلومهم الجدیدة.

وهنا أود الإشارة إلی نقطة أخری وهي اننا لو اردنا دراسة نمط حیاتنا في العصر الراهن والأدوات التي نستخدمها في حیاتنا الیومية، سوف نبدو -كباقي دول العالم – وكأننا فرع من الفروع التابعة للغرب. كل ذلك یعود لسیطرة التقنيات الغربية علی حیاتنا اليومية. هذه التقنيات قائمة علی فلسفة خاصة وهي فلسفة الغرب. الهواتف الذكية هي تقنيات متصلة بالفكر والفلسفة الغربية. إذن نحن نستخدم في حیاتنا اليومية ادوات وتقنیات تعود جذورها للفلسفة الغربية. وفي الختام اقول: علی المفكرين والعلماء والفلاسفة في بلدنا القيام بدورهم لإعادة تعریف ودراسة ومعالجة القضایا التقنية وفقا للفلسفة الإسلامية. إن تأكید قائد الثورة الإسلامية علی ضرورة تطویر العلوم الإنسانية، هو اشارة إلی هذه المسؤولية والرسالة المهمة.

 

فهیمي فر: البعض یری بأن هذا مستحیل؛ أي لایمكن الحصول علی التقنية الحديثة عبر الاعتماد علی الفلسفة الصدرائية، أو انها لاتلبي حاجات العالم المتقدم ومتطلباته. ربما یمكن الرد عمليا علی هذه ادعاءات أخذي هذا الرأي.

 

رمضاني: نحن لم نهتم بهذه القضية كما ینبغي. علینا ان نهتم بها من جدید لكي تبينا لنا هل یمكن ذلك أم لا. الشواهد والأدلة الموجودة حالیا تثبت عكس ذلك. اننا استطعنا ان نحقق العدید من الانجازات في مجال تقنية النانو والطاقة النووية والصناعات الجوية بواسطة أشخاص امنوا بالفلسفة الإسلامية ولیس فلسفة الغرب. من هؤلاء العلماء نشیر إلی الشهید علي محمدي والشهید شهریاري وآخرون. في الحرب المفروضة ایضا كانت مبادئ الفلسفة الإسلامية هي الداعم الأساسي لتوجهاتنا. بعض القادة كصیاد الشیرازي ومحسن رضايي ورحيم صفوي خلفياتهم الفكرية مكونة من مبادئ الفلسفة الإسلامية. لاشك اننا في أي موضع ومجال اعتمدنا علی مبادئ الفلسفة الإسلامية والعقلانية الإسلامية،تمكنا من تحقيق الانتصارات والانجازات.

إن معالمنا الثقافية والفنية کجسر”سی و سه بل” (يعني جسر الثلاثة والثلاثين ویقع في اصفهان) ، و قصر عالی قابو و حمام الشيخ البهائي تؤكد لنا بأن الفلسفة الإسلامية مبدعة ومنتجة للعلوم وانها داعمة للتكنولوجيا وتساهم في إزدهار الحضارة. ماتقدم ذكره یؤكد أهمية العودة إلی خلفیاتنا وتراثنا الفلسفي. إن فلسفة الغرب تساعد القوی الغربيةعلی فرض سیطرتها علینا. نحن الآن بحاجة إلی صحوة فلسفية اسلامية خاصة في مراكزنا العلمية والأكاديمية.

بیرمرادي: برأيي لایمكن تقسيم الفكر الفلسفي إلی قسمین اسلامي وغربي. وعلیه أری بأنه لایوجد فكر فلسفي؛ لا فكر فلسفي اسلامي ولاغربي.

یعرف الفيلسوف علی انه شخص مختلف عن الآخرین، لأنه یأتي بالأفكار الجدیدة تؤسس مكاتب وأنظمة فكرية جدیدة، وعلیه نعتبر ابن سینا وصدرالدین وكونت وآخرین بأنهم فلاسفة. إذا قبلنا هذا التعریف، علینا ان نجیب علی هذا السؤال: ماذا نسمی ما یقوم به استاذة الجامعات إذن؟ برأيي استاذة الجامعات لایقوم باستحداث الأفكار بل هم يقومون بتعليم وتوضيح الأفكار الموجودة في الكتب. إن خلاصة نشاط هؤلاء یتحور حول توضيح وشرح بعض النصوص والآراء التي یشوبها الإبهام والغموض. وعلیه أقول: لیس لدینا الآن فلاسفة؛ لافي الغرب ولافي الشرق. بالنسبة لنظامنا التعليمي أقول: إن نظامنا لاينتج فلاسفة لأنه یعلم التلامذة والطلاب علی حفظ الأشیاء بدلا من اعمال الفکر لكشف الحقيقة.

إضافة إلی هذا، شخصیا أری بأننا لیس لدینا كلية فلسفة. اننا نمتلك كلية كيمياء وفيزیاء وجامعات وكلیات في العلوم الإنسانية لكننا نفتقد لوجود كلية فلسفة.  المفروض ان تكون لدینا كلية فلسفة تدرّس فيها فروع فلسفية مختلفة تضم كافة مكاتبنا الفلسفية. إذن لابد من إنشاء فروع جدیدة لفلسفة ابن سینا وفلسفة سهرودي وفلسفة صدرالدين الشیرازي وفروع لمكاتبنا الفلسفية الأخری. مع الأسف ما یطرح في جامعاتنا عن هذه المكاتب لیس علميا لأن التركیز یقع علی الأشیاء البدائية التي غالبا ما تكون معلومات مكررة. أنا أری بأن نظامنا التعليمي لاینتج فلاسفة لذلك لم یظهر فيلسوف جدید بعد صدرالدین الشیرازي. النظام الفلسفي الذي جاء به العلامة الطباطبايي(بالرغم من عظمة الرجل وجهوده القيمة في مجال الفلسفة) لم یكن مستقلا عن نظام صدرالدين الفلسفي. إن المعنيين في أمر الفلسفة في بلادنا(في العصر الراهن) هم عبارة عن معلمين للنظریات والآراء الفلسفية لایقدمون شيئا یساهم في انتاج الفكر والمعرفة.

 

فهیمي فر: في الغرب ایضا كذلك. أي ان الأنظمة الفلسفية في الغرب بعد فريدريش هيغل(فيلسوف ألماني) تحولت من أنظمة شاملة إلی فلسفات قريبة من العلم؛ كالفلسفات المضافة. وهذا یعني ان الغرب ایضا یعاني من إشكالیات في هذا المجال لذلك شخصیا أری بأن الغرب ومنذ ما یقارب مائة أو مائين وخمسين عاما لم ینتج شيئا جدیدا في مجال الفلسفة.

 

بیرمرادي: ظلت الفلسفة فترات طويلة تعني الميتافيزيقا أو الماورائيات أو ما وراء الطبيعة إلی ان ظهر دیکارت وخلط الأوراق، لكن المنهج ظل كما هو؛ أي أنه بدأ بالبحث عن الحقيقة، انه أراد الوصول إلی اليقين، لكن لاحقا ظهر فلاسفة في الغرب ابطلوا ما كان دكارت يبحث عنه. هؤلاء أكد علی ضرورة تجاهل البحث عن اليقين لأن الوصول إلیه مستحیل. وطالبوا بتحلیل مبادئ العلوم وأسسها.. فهناك من یقوم بالبحث والدراسة في مجال الفیزیا وهناك من یعمل في مجال مبادئ علم الفیزیا ویقوم بتحلیل مناهجه. انهم طالبوا بمعالجة العلوم من الخارج. هناك من یدخل في دائرة العلماء وهناك من ینصف علی انه عالم بفلسفة العلوم.

بشكل عام نحن في كل العلوم نحتاج إلی التفكیر؛ في الفیزیا وفي الكیمیاء وفي كافة المجالات الأخری. لكن ماذا نعني بالتفكیر؟ ذلك التفكیر الذي یولي اهتماما خاصا للظواهر والأمور ویتابعها بجدية بحیث یكون قادرا علی توجيهها نحو المسار الصحيح.

الفيلسوف هو مفكر تختلف رؤیته إلی الأمور عن رؤية العالم الفيزيائي. الفيلسوف يوجه الحیاة نحو مسارها الصحيح أو الخاطئ؛ انه یستطیع ان یهدینا إلی الجنة كما یمكنه أن یدفعنا نحو الجحيم، لأن الفلسفة هي التي تكون نمط الحیاة.

الفلسفة في نهاية المطاف تؤدي إلی العمل أو التطبيق. الميتافيزيقا التي یزعم البعض بأنها لیس لها علاقة بالعمل؛ تؤدي في نهاية المطاف إلی العمل. الفرق الأساسي بين الفلسفة الإسلامية وفلسفة الغرب يكمن في نمط الحیاة الذي ترید تحقيقه كل واحدة منهما. إذا كان الفيلسوف یؤمن بوجود الله، ستكون حیاته قائمة علی هذا المعتقد. فهذا المعتقد الذي یشمل الایمان ببعثة الأنبیاء إلی جانب الاعتماد علی العقل؛ فهذا بحد ذاته یؤدي إلی تكوین نمط حیاة خاصة. إذن كل فلسفة -وخلافا للعلوم المحضة- تؤدي إلی تشكيل رؤی تساهم في تكوین نمط حیاة خاصة. الإشكالية الأساسية التي تعاني منها الفلسفة بشقيها الغربي والشرقي، تتعلق بالنظام التعليمي الذي یقوم بنقل المحفوظات فقط. الرسائل الجامعية لاتحمل أي شيء جدید. كل ما فيها هو عبارة عن إعادة قراءة لما جاء في كتاب الأسفار والشفاء، أو انه عبارة عن ایضاحات وشروح للمكاتب الفلسفية كحكمة الاشراق. الأمر كذلك بالنسبة للرسائل المرتبطة بفلسفة الغرب. إن جل ما نقوم به هو الحدیث عن شخصية كونت ومؤلفاته. بالنسبة لترجمة المؤلفات الغربية یمكن القول: لایوجد أي ابداع في الترجمة خلافا للماضي(علی سبیل المثال في عهد المأمون) حیث كان المترجم للنصوص الفلسفية یمتلك معرفة نسبة بالفلسفة والقضایا المرتبطة بها. ما یحتاجه المترجم في عصرنا الحالي هو معرفة اللغة التي یرید الترجمة منها! وعادة ما تكون هذه الترجمات غیر ملائمة لما تقتضيه الحاجة(فالمترجم یقوم بترجمة الكتاب الذي یعجبه ولیس الكتاب الذي یساهم بالشكل الذي يسد فراغ هذا الجانب لدى الدارسين والمدرسين). هذا الأمر ان دل علی شيء فإنما یدل علی عدم امتلاك رؤية واستراتيجية تجاه المؤلفات الفلسفية الغربية. الأمر كذلك ایضا بانسبة لبحوثنا عن فلسفة الغرب. غالبية بحوثنا مقلدة لاتتم بهدف الحصول علی نتائج جدیدة يمكن الاستعانة بها في السیاسة والاقتصاد. وعلیه اری بأن واقع الفلسفة في ایران في العصر الراهن شبيه بواقع االاقتصاد. نحن في الاقتصاد تحولنا إلی مستهلكين. لانفكر بالانتاج. لأننا نری عملية الانتاج مكلفة، لذلك نبحث عن المنتجات والأدوات الجاهزة. في الفلسفة ایضا كذلك. نشعر بأن عملية التفكیر والحصول علی نتائج جدیدة عملية صعبة.

مع الأسف اصبحنا نكتفي بتكرار الأفكار الفلسفية القديمية اعتقادا منا بأنها ستلبي حاجاتنا. لاشك انه لو قام السهرودي بتكرار ما قاله ابن سینا، لم يولد مكتب فلسفي جدید تحت عنوان”حكمة الإشراق للسهروردي”. لو أراد صدرالدین الشیرازي ان یكرر ما جاء به السهروردي لم یتمكن من إنشاء مكتبه الفلسفي. مع الأسف لقد أصبحنا الآن نکتفي بالتكرار. الرسائل الجامعية كلها مكررة. في حین یجب ان تكون الفلسفة قائمة علی التحقيق والبحث والتمحيص. نحن بحاجة إلی دراسات معمقة في هذا المجال. علینا تجاوز الدراسات المكررة. علینا الدخول ف مرحلة استكشاف الجدید..

فلسفتنا تعتبر العقل والإیمان مكملان لبعضهما البعض؛ فالعقل والإیمان یعدان بمثابة اجنحة للإنسان یمكن من خلالها ان یبلغ ما یرید بلوغه. وبالرغم من علمنا بذلك، لانقوم بأي خطوة تساهم في التطور الفلسفي یؤدي إلی تكوین مكتب فلسفي جدید. برأيي السبب الأساسي لهذا التقاعس هو الإشكالیات التي تعاني منها مناهجنا التعليمية.

من أجل تحقيق هذا الطموح نحتاج إلی الحصول علی نظام تعليمي يصوغه الفيلسوف من خلال آرائه وأفكاره. من جهته، یتمكن نظامنا التعليمي(التربية والتعليم) من تربية مفكرين قادرين علی اطلاق أحكام جدیدة..

 

رمضاني: لابد من الإنتباه إلی نقطة مهمة وهي اننا لايمكننا أن نتقبل  كل ما هو جديد لمجرد كونه جديداً، في مقابل إلقاء كل ما هو قديم لأنه أصبح من الماضي. هناك معايير ثابتة للتمييز الحقيقي الدقيق بين الحق والباطل. علی سبیل المثال العقلانية أمر محبب في كل العصور والأزمنة. إن عبارة: كل ما حكم به العقل حكم به الشرع، هي عبارة صحيحة وان كانت قد قيلت في العصور الماضية. الفعل الباطل ایضا یضل باطلا سواء كان قديما أم حديثا. هذه إشكالية كبیرة ان نتصور بأن كل ماهو جدید فهو صحیح لمجرد كونه جديداً ولاینبغي لنا الحدیث عن الماضي. ثم ان الادعاء القائل بان كل ماهو مفید فهو صحیح ایضا اداعاء غیر صحیح.

إذا كنا نؤمن بهذا القول(إن هو ما یوصلنا لأهدافنا فهو صحيح) نكون قد خالفنا الفلسفة البراغماتية لجون ديوي ‏(هو فيلسوف وعالم نفس أمريكي وزعيم من زعماء الفلسفة البراغماتية). لیس كل ماهو قديم غيرنافع، كما انه لیس كل ماهو جدید بالضرورة یكون صحیحا. عندما نرید اطلاق أحكام جدیدة لابد لنا من استيعاب وفهم الأحكام السابقة ثم نقدها ومن ثم نقوم بإدخال تعدیلات وإضافات علیها، لأنه من لایملك معرفة عن الماضي ولایستوعب الأفكار القديمة، لایمكنه ان یفهم المستقبل. لابد لنا من دراسة ونقد مؤلفات القدماء للتمییز بین الأراء الصحيحة والآراء الخاطئة لكل من ابن سینا، وشيخ الاشراق(السهرودي)، وصدر الدین الشیرازي والعلامة الطباطبايي. یجب علینا ایضا القیام بدراسات نقدية لآراء الفلاسفة والمفكرين في الغرب. عدم القيام بدراسات نقدية لآراء الفلاسفة القدماء يعود لسببين: إما اصبحنا عاجزون عن القيام بهذه الدور لأن طريقتنا في التفكير غیر صحيحة، وإما الآراء الفلسفية التي اطلقهاء الفلاسفة القدماء مؤيدة ببراهين قوية وحجج دامغه حيث أنها غير قابلة للنقد. في هذه الحالة علینا القيام بدراسة تحدد ذلك. طالما أننا لم نقم بهذا العمل لایمكننا اطلاق أحكام وصیاغة نظریات جدیدة.  لایمكننا رفض ما ورد في الأسفارُ الأربعة(موسوعة فلسفية إسلامية بقلم صدر الدين الشيرازي الشهير بـ الملا صدرا الشيرازي وصدر المتأهلين) دون القيام بقراءتها قراءة واعية متفحصة. نحن بحاجة إذن إلی مقدمة وهذه المقدمة تتمثل في قراءة الآراء السابقة ونقدها.

أتصور ان الابتعاد عن الماضي والتراث إلی جانب ظاهرة الاستغراب(الإعجاب بالغرب والانبهار بحضارته) منعتنا من القيام بدراسات معمقة لمعرفة الماضي، كما وانها أدت إلی اصابة نسب كبیرة منا بالسطحية الفكرية، أو السطحية العقلية. انها قضت علی الحرية الفكرية. ان الحرية الفكرية لن تحصل إلی بعد التحرر من الهيمنة الفكرية الغربية والابتعاد عن محاكاة الغرب.

عندما لانمتلك الجرأة نقد مؤلفات وأفكار هيجل وكونت وتوماس هوبز؛ كیف لنا القيام بصیاغة نظریات جدیدة؟ عندما نقوم بآراء القدماء یمكننا الاستعانة بالصحيح منها لصیاغة النظریات وطرح الآراء الجدیدة.

العدید من الدراسات والبحوث الجامعية تكتب حول آراء كونت بالرغم من مرور سنوات عدیدة من ظهورها. هذه الدراسات والبحوث لاتأتي بأفكار جدیدة لكنها تقوم باستخراج نتائج جدیدة توظف في مجالات مختلفة. علینا أن نتسائل الآن: لماذا لانقوم نحن بنفس البحوث والدراسات عن تراثنا الفكري والفلسفي؟ هناك قصور وتقاعس في هذا المجال، وذلك يعود لنمظ حیاتنا. لیس بالضرورة ان تكون لنا آراء ونظریات جدیدة(وهذا لايعني انني أعارض الآراء والأفكار الجدیدة). كل مفكر یمكنه الاتیان بأفكار ونظریات جدیدة ویقوم بطرحها أين ومتی ما شاء. لكن الأفكار التي نمتلكها الآن علی سبیل المثال آراء صدرالدین الشیرازي؛ تتفق مع القرآن والروایات والعرفان والكمال. ما علینا فعله هو القيام بدراسات متفحصة عن مصادرنا ثم القیام بالخطوات التالية. المشكلة هي اننا لانقوم بإتخاذ أي خطوة في هذا الاتجاه. لابد من تحویل الأفكار والآراء الفلسفية(السابقة) إلی علوم وتقنية وثقافة ونمط حیاة. نحن لم نقم بذلك لأن البعض یتصور بأننا نعاني من عدم وجود مصادر قوية مدعومة بالبراهين. فكان مثلنا كمن جلس علی مائدة الطعام لكنه یتضور جوعا لأنه لا يمد یده نحو الطعام.

الأساتذة(في جامعاتنا) الذين يعتقدون بأننا لم تكن لدينا آراء ونظریات فلسفية جدیدة علیهم الإجابة علی هذا السؤال: ماهو السببب في عدم ظهور نظریات جدیدة في زمن سیطرتكم علی المراكز البحثية المعنية بشؤون الفلسفة؟!

 

مرتضایي: یبدو لي ان البحث أخذ منحی جیداً، لأن الحدیث بدأ یتمحور حول اعتبار الفلسفة علی أنها فكر أو رؤية تحدد نمط الحیاة للأفراد في الفترات الزمنية المختلفة. أرید أن أبدا حديثي من حیث انتهی السید بیرمرادي وأتسائل هل هذا سلبي اننا لانمتلك فلسفة جدیدة ونكتفي بتكرار ما ورد في مصادرنا التراثية؟

في كافة العصور، كان البشر بحاجة إلی رسم أفق محدد لممارسة حیاته وصوله للأهداف التي یرسمها في بداية مشواره. انه ومن أجل اكمال المسیرة وبلوغ ذلك الأفق، یقوم بصیاغة فلسفة تساعده علی تحقيق طموحه. لاشك ان المفكرين في كل عصر هم من یقوم بصیاغة تلك الفلسفة. الملاحظ ان في كل المجتمعات تتوقف النظریات لفترات محددة. علی سبیل المثال في الیونان القديمة ظهر رجال قاموا بالتنظیر الفلسفي لمجتمعاتهم لكن بعد فترة توقفت تلك النظریات وظلت هذه المجتمعات تستعين بالنظریات –لفترة دامت الفي عام- التي صاغها الفلاسفة للعصور الماضية. فماهو السبب في ظهور عدد كبیر من الفلاسفة في فترات زمنية مختلفة في مقابل الغیاب في فترات أخری؟ هذا الأمر بعض الأحیان لایتوقف عند الفلسفة فقط، بل یتعدی إلی العلوم الأخری. علی سبیل المثال في فترات زمنية يصبح عمل علماء النفس مجرد نقل للمفاهيم للآخرين. یبدو انه في بعض الفترات التأريخية تسود المجتمعات رؤی وأفكار تمنع من ظهور نظریات جدیدة. ثم وبعد مرور فترات طويلة تحدث مجموعة أحداث وتطورات تؤدي إلی اضعاف ذلك الفكر وبالتالي تظهر رؤی جدیدة تسود ذلك المجتمع. وهذا ما حصل في الغرب بالفعل.

يفهم من خلال هذا الكلام بأن الفلاسفة والمفكرين الجدید یظهرون عندما تزداد الإشكالیات التي یعاني من الفكر الذي كان سائدا في المجتمع في الفترة التي ظهر بها هؤلاء الأشخاص(عندما تزداد حالة عدم الرضا بين ابناء المجتمع تكون الظروف ممهدة لظهور فكر ورؤية جدیدة). إن فشل الفكر السابق يؤدي إلی ظهور نظریات جدیدة مخالفة للفكر الفاشل. إذن الظروف هي التي تنتج الفيلسوف وهي من يحدد مساره. في هذه الحالة يقوم الفيلسوف بالبحث عن الأسباب التي أدت إلی تردي الوضع السیاسي والاقتصادي والاجتماعي وكذلك تغییر نمط حياة الناس. وهكذا یقوم الفيلسوف بإدخال نفسه في الساحة لمعالجة الظواهر الاجتماعية.

الآن أود الإشارة إلی السؤال الذي وجه من قبل بعض الأساتذة وهو: لماذا لم یظهر فلاسفة جدد بعد صدرالدین الشیرازي؟ ماهو سبب صمتنا؟ ماهي الأسباب التي تنمع من ظهور منظر جدید في بلدنا؟ لقد مرت ثلاثة قرون من ظهور آراء صدرالدین الشیرازي؛ أي بالتزامن مع إزدهار الثقافة والحضارة الغربية وآراء دكارت. منذ ذلك الوقت التزمنا الصمت في مجال الفلسفة واصبحنا مرجد مستهلكين للأفكار وآراء الوافدة من الغرب. یبدو ان الأفكار الغربية قد جلبت انتباهنا بشكل كبیر حتی اصبحنا نتذوقها بالرغم من معتقداتنا الخاصة! ماحصل في القرنين الأخیرين هو ان الناس انجرت وراء الفكر الغربي. لاأدري لماذا حصل ذلك(لماذا سیطر الفكر الغربي علی المجتمعات الشرقية)؛ هل الناس وجدوا في هذه الأفكار ماكانوا یبحثون عنه أم انهم خدعوا وانجروا وراء هذا الفكر  عبر المؤامرات والمخططات التي حكيت خدمة لهذا الفكر.

في الفترة الراهنة، العدید من المفكرين توصلوا إلی ان الفكر الغربي أصبح یشكل خطرا كبیرا علی المجتمعات. الفكر الغربي بالرغم من زبرجه الحق اضرارا كبیرة بالحیاة البشرية وبدأ یسلب راحة البال من  ابناء البشرية.

أؤكد مرة أخری، علینا ان ننتظر ظهور فلاسفة جدد! انهم سوف یظهرون في السنوات القادمة، وسوف یأتون بأشیاء جدیدة لم یقلها السابقون. أما الآن هناك اسئلة عدیدة تطرح حول هؤلاء الفلاسفة الجدد، منها: من أين بلد سیكون هؤلاء؟ وهل للفلاسفة المسلمین دور في هذا التحول؟ وهل یظهر فلاسفة جدد في الغرب؟

في العصر الراهن، غالبية الناس یشعرون بعدم الراحة فقدان الهدوء بالرغم من تطور نموط الحیاة وفرة الامكانات الرفاهية. إن هذا ان دل علی شيء فإنما یدل علی ان المجتعات المختلفة غیر راضية عن هذا الفكر الذي سیطر علی العالم في العصور الأخیرة. برأيي الظروف أصبحت مهيئة لظهور ذلك الفكر الجدید(الفلسفة الجدیدة) الذي ینسأ نتيجة ردة فعل علی فشل الفكر السائد. فعدم ظهور الفلاسفة في القرون القليلة الماضية یعني ان المجتمعات كانت تعيش حالة من الرضا. أما الیوم تبین بأن هذا الشعور كان شعورا خاطئا لأنه خلف نتائج غیر محمودة أثرت سلبا علی الحیاة البشرية. إن الفكر الغربي خلف اضرار كبیرة علی كافة مناحي الحیاة. انه غیّر المبادئ الأساسية في الحیاة البشرية.

ملخص القول هو ان أضرار الفكر الغربي اصبحت تزداد یوما بعد یوم.. لعله سوف یظهر فيلسوف جدید یقوم بوضع حدود لهذه الأضرار من خلال الآراء والأفكار الجدیدة التي سوف يأتي بها.

 

فهیمي فر: یدور ببالي سؤال حول قضية الکمية(علی حساب الجودة) في العالم الغربي. ماهو رأيکم؟

 

مرتضایي: لماذا لم يشتهر أحد من هؤلاء كما اشتهر دیكارت؟ السبب یعود لسیطرة الأفكار التي تحدثنا عنها. لازالت تلك الأفكار مسیطرة. ان هؤلاء یبذلون كافة جهودهم لنشر أفكارهم لكن تلك الآراء لاتسمح لهم بذلك. ربما المستقبل سیكون لهؤلاء، لأن دكارت نفسه لم یكن مشهورا في عصره. ربما في المستقبل سوف یتمكن هؤلاء من فتح آفاق جدیدة في مجال الفكر والفلسفة.

 

طاهریان: أتصور نحن بحاجة إلی مقارنة تاريخية بين الرؤية الفلسفية الغربية وبين الرؤية الشرقية للإنسان والكون. بعض الأخوة تفضلوا-وانا علی هذا الرأي ایضا- بأن مفهوم الفلسفة في الغرب هو الإجابة علی كيفية العیش. الفلاسفة في اليونان القديمة أخذوا علی عاتقهم البحث عن أجوبة لأسئلة المرتبطة بكيفة العیش خاصة وانه لم یظهر أي نبي في الیونان. إن هذا المفهوم لایزال شائعا في الغرب حتی یومنا هذا، لكنه في فترة زمنية فقد دلالاته وذلك في القرون الوسطی. قبل ارسطو وافلاطون وجد في الیونان العشرات من المكاتب(بین 10 إلی 30 مكتبا).

علی سبیل المثال لقد ظهر افلاطون في فترة زمنية وبعد 20 عاما ظهر ارسطو وهكذا یستمر ظهور الفلاسفة حتی 200 عام، فظهر الإفلاطونيون، ثم اتباع إبيقور ثم الرُّواقيَّة..الخ. وهذا یعني انه بالرغم من سیطرة أفكار ارسطو، ظهر فلاسفة جدد في الغرب. لماذا؟ لأن في الغرب تختلف التعاريف المرتبطة بكيفية العیش. لماذا ظهرت الرُّواقيَّة؟ لأن الظروف كانت ممهدة لظهور هؤلاء. المجتمع مر بحالة من فقدان الأمل والانهیار النفسي، حتی بدأ الناس یتساءلون: كیف نحصل علی الطمئنينة والهدوء؟ أفكار ارسطو أصبحت غیر قادرة علی إجابة هذا السؤال في تلك الفترة لأن ارسطوا كان یعیش في فترة انتصار اليونان في الحروب لكن الرُّواقيَّة عاشوا مرحلة الهزيمة والحروب الداخلية.

في الغرب الإجابة عن كيفية العیش تعد رمزا مهما. إن هذه الإجابة تعمل بمثابة محرك یبث روح الحركة في المجتمع، لأن السؤال عن كيفية العیش یختلف من حقبة زمنية إلی حقبة أخری. في فترة من الفترات عندما ظهرت الديانية المسيحية قام أوغسطينوس بالتأکيد علی الإيمان هو مقدمة للتفکیر. في الحقيقة جعل التفكير تابع للإمان؛ أي فكر كما یأمرك الدين فأنت لست حراً!.

أما فلاسفة اليونان حتی وان سمعوا موسی والتوراة لكنهم لم یؤمنوا به. فهم كانوا یعیشون بصورة عقلانية. بعد عصر النهضة في الغرب، عادت طريقة التفكیر إلی سابقها، فالمجتمعات الغربية رفعت شعار طريقة العیش العقلانية وبذلك رفعت مكانة العقل من جدید وذلك عبر ظهور مفكرين جدد. سبب ذلك هو ان الفلسفة في الغرب هي عبارة عن إجابة لسؤال: كيف نعیش؟ فلسفة دكارت لها غاية عملية. یبدأ بالشك وینتهي بالعمل. كذلك الأمر بالنسبة لكونت. أوغست كونت يقول: العقل النظري هو مقدمة للعقل العملي فالعقل النظري يقوم بمهمة التمهيد.

برأيي ان الفلسفة في الغرب أصبحت حية بعد عصر النهضة. الغرب یعتبر الفلسفة هي عبارة عن علم أو معرفة كيفية العیش، بینما العلم غیر قادر علی الإجابة علی هذا السؤال. العلم ینتج تقنية لكن الفلسفة تهدي للإنسان الهدوء وراحة البال.

بعد هيجل، أعلن مؤسس المکتب الوجودي -وهو أول مكتب فلسفي في الغرب بعد هيجل- بأن الفلسفة لیست عملية تكوین مجتمع بل هي عبارة عن نظام لتكوين المجتمع. الفيلسوف هو من یقوم بتصویر العالم المثالي الذي یحب ان یعیش فیه.

الأحكام الفلسفية هي أحكام مؤقتة. اجوبتها أجوبة مؤقتة. السؤال الذي یطرح نفسه في هذا المجال هو: لماذا تطرح اسئلة جدیدة؟ لأن في هيكلية الحضارة الغربية الاقتصاد غیر منعزل عن الفلسفة، وكذلك الأمر بالنسبة للتكنولوجیا والاقتصاد وعلم النفس. كل هذه الأشیاء مرتبط ببعضها البعض وتعمل في نظام موحد. الحضارة الغربية عندما وصلت إیران فمن الطبيعي ان تصل فلسفة هذه الحضارة إلی بلادنا. لایمكن ان تصلنا العلوم الاقتصادية الغربية دون ان تصلنا الفلسفة الغربية، والسب بیعود إلی الترابط بین العلوم والفلسفة في الغرب. ثم ان كل من یتقبل العلوم الغربية لابد له من تقبل فلسفة الغرب.

لقد أكد الأخوة علی ان الفلسفة في الغرب لازالت حية. نعم انها حية وسوف تظل كذلك طالما رفعت شعار البحث عن كيفية وطریقة العیش. فالفلاسفة في الغرب هم من یتحمل مسؤولية الإجابة علی سؤال كيفية العیش؟ لذلك نری بعض الفلاسفة یقومون بنشر كتب مرتبطة بسل العیش الصحيح؛ ككتاب راسل عن کيفية العیش.

في بلدنا لایمتلك الفلاسفة نظریات سیاسية ولا اجتماعية ولافنية. لماذا؟ لأننا نفتقد لتلك الفلسفة التي تجیب عن سؤال: كيف نعیش؟!. في الغرب یظهر شخص كراسل یقوم بتوضيح كيفية العیش الصحيح لأنه یری بأن مهمة الفلسفة القيام بهذا الواجب. في إیران أول مفهوم للفلسفة یتبادر هو: العالم الذهني. ما هو هذا عالم الهذن؟ الفلسفة في الغرب هي فلسفة الحياة الیومية لكنها بالنسبة لنا سماوية! فيلسوفنا لایمتلك أي نظرية تربوية ولاسیاسية، بينما في الغرب یمتلك الفيلسوف في جعبته نظریات عن السیاسة وعن الفن. دكارت لم یتحدث عن القضیایا الماورائية فحسب، بل صاغ نظریات عن الفن وقام بنقد الحکم.( نقد الحكم ، الذي تمت ترجمته أيضًا باسم “نقد الحكم” ، هو كتاب صدر عام 1790 للفيلسوف الألماني إيمانويل كونت.) هيجل ایضا له نظریات عن الحكومة وافن والاخلاق. كذلك الأمر بالنسبة لراسل وهايدجر. إذن الفلسفة في الغرب لاتختصر علی الماوراء. الفلافسة في الغرب يعتقدون بأن الماوراء یجب ان یكون في خدمة مبادئ القضایا اليومية.

نعاني من عدم وجود نظریات خاصة بنا. البعض یری بأن فلاسفتنا هم مجرد مفسرين للأفكار والنظریات الغربية، فابن سینا شارح لآراء ارسطو…. لكن في الغرب الأمر مختلف تماما. علی سبیل المثال كونت یأتي بأفكار لاتوجد بتاتا في مؤلفات دكارت. ما یقوله هيجل یختلف تماما مع ما قاله كونت. وما قاله هایدجر ایضا مختلف عن آراء الذيین سبقوه. لكن بالنسبة لفلاسفتنا نری بأن هناك إعادة صیاغة لما تحدث عنه السابقون(شيخ الاشراق یذكر التعابیر التي استخدمها افلاطون). بشكل عام نحن الآن لیس لدینا نظریات ولامنظرین. وهذا لایعني اننا كان لدینا فلاسفة ولامنظرین وأصبحنا الآن نفتقدهم!

إذا أردنا ظهور نظریات فلسفية جدیدة في إیران لابد لنا من تهمید الأرضية لذلك. كیف؟ عن طریق ادخال الفلسفة في حیاتنا اليومية؟ كیف یتم ذلك؟ من خلال جعل الفلسفة تجیب علی هذا السؤال: كيف نعيش؟ في مجتمعاتنا الدين هو من یجب علی هذا السؤال لذلك لامحل من الاعراب للفسلفة ومن یرتبط بها. السؤال المحوري الذي یطرح في هذا المجال یرتبط بأسباب تراجع وانحطاط الفلسفة الغربية في المرتبطة بكيفية العیش.

إن مصادرنا الدينية قد أجابت بصورة واضحة وبمنتهی الدقة علی هذا السؤال، ما جعلنا نستغني عن وجود أدلة فلسفية للإجابة عن كافة الأئسلة التي تطرح بشكل يومي. في مجتمعنا یوجد منافس قوي للفلسفة؛ عرفان اهل البیت(علیهم السلام) ومایحتویه القرآن من علوم كفيلة بالإجابة عن كافة الأسئلة التي تطرح في مجتعنا. ثم ان ما ورد في القرآن أدق وأشمل من الآراء الفلسفة.

إلی جانب هذا لابد لنا من تخطي المفاهيم الفلسفية الماورائية. یجب علینا ان نقوم بصیاغة آراء ومفاهيم فلسفية مستقلة عن الفكر اليوناني وهذا لایتم إلا عن طریق التمسك بالقرآن والرویات الإسلامية. الجوهر والعرض، والقوة والفعل والوجوب والامكان كلها مفاهيم قد تحدث عنها ارسطو في بداية الأمر. علینا تجاوز هذه المفاهيم والقيام بصیاغة مفاهيم جدیدة عبر الاعتماد علی مصادرنا الدينية.

 

رمضاني:  هل يمكن اعتبار الاتیان بأفكار ونظریات جدیدة دلالة علی كشف الحقيقية؟ وهل كل ماهو جدید یمكن اعتباره صحیح یجب تقبله؟ أری اننا ظلمنا انفسنا بعض الشيء، فالحدیث بدأ یتمحور حول ضعف فلسفتنا أو ان ما نمتلكه لایمكنه اعتبار فلسفة. ما ذكر حول ارتباط فلسفتنا بالماوراء(فقط) هو مجرد ادعاء. إن صدرالدین الشیرازي وعند طرح آراءه ذكر بأنه قام بتطبیق ما توصل إلیه مع القرآن والروایات. هذا لیس صحیحا ان نعتبر الفلسفة متناقضة مع الدين، أو نؤكد بأن الالتزام بالدين یعني ابعاد الفلسفة عن الدين والقضایا الديينة.

 

طاهریان: لقد وجه “مارتن هايدغر”(فيلسوف ألماني) اهتمامه الفلسفي إلى عدة قضایا منها قضية التقنية. يعد فقدان الهوية احد الأسباب التي أدت إلی ظهور مشكلات مجتمعية.. علینا معرفة الأسباب لمعالجة هذه المشكلات.

 

رمضاني: هل بالضرورة أن تكون الفلسفة تابعة لواقع المجتمع؟ أم بالعكس، الفلسفة والأفكار الفلسفية هي من یحدد مسار المجتمع نمط الحیاة؟ أم ان العلاقة علاقة جدلية؟ علینا ان نحدد هذه العلاقة. إذا كنا نؤمن بأن حاجات مجتمعنا في العصر الحالي تستوجب ظهور فلسفة جدیدة، یجب علینا أولا الإجابة عن هذا السؤال وهو: هل حاجات ومتطلبات مجتمعنا في الوقت الراهن نابعة أو تستند إلی معتقدات صحيحة أم خاطئة؟

 

طاهریان: شخصیا أعتبر قائد الثورة الإسلامية(اية السید علي الخامئني) فيلسوفا حقيقیا. اعتبره فيلسوفا حداثیا، لأنه یعالج القضایا والظواهر بنظرة ورؤية فلسفية. وهذا ما یفتقده غالبية استاذتنا في الجامعات. مع الأسف فلاسفتنا في الوقت الراهن لیس لديهم القدرة علی طرح أكفارهم والسبب هو طغيان الروح الانهزامية علی هؤلاء. لقد تحدثت مؤخرا مع أحد هؤلاء حول الأسباب التي أدت إلی غیاب النظریات الجدیدة في مجال الفلسفة. انه كان یؤمن بأن البنية الفكرية في الشرق لاتتقبل ظهور نظریات جدیدة! هذه نظرة خاظئة ومرفوضة.

 

رمضاني: كل هذه الأقوال مجرد ادعاءات لایمكن اثباتها. لایمكن نشر الأفكار الفلسفية بالقوة. كما انني أؤمن بأن الفلسفة لایمكن إدارتها لذلك لایمكننا الجزم بأننا نستطیع التخطیط للفلسفة بصورة تمكنا من الحصول علی كذا عدد من الفلاسفة في كذا سنوات. لایمكن السیطرة علی الفلسفة ولایمكن التخطیط لها. مایمكننا فعله هو تمهيد الأرضية والظروف بصورة تكون مناسبة لظهور فلاسفة جدد.

 

برأيي أفضل وأنجع خطوة یمكن اتخاذها في الوقت الراهن هي العودة إلی التراث ومعالجة المصادر التراثية عبر دراسات نقدية. یجب ان تكون هذه الدراسات موضوعية. إذا ثبت لنا عدم عقلانية قضایا من القضایا لابد لنا من الاعتراف وقول الحقيقة. لاينبغي لنا اعتبار صدرالدین نبیا معصوما. علینا ان نقوم بنقد آراءه؛ فنقوم بأخذ الإیجابیات واسقاط السلبیات. یمكننا القيام بهذه المهمة بشكل عملي. لابد لنا نقد كافة الآراء التي جاء بها ابن سینا وكونت وصدرالدین وهوبز والعلامة الطباطبايي وجميع الفلاسفة.

لابد لنا من التحلي بالروح النقدية. الروح النقدية ستساعدنا علی الكشف عن نمتلكه من آراء ونظریات وهي مختبئة الآن في مصادرنا. مع الأسف بعض الأساتذة في جامعاتنا یعملون بشتی الوسائل والسبل علی نفي الذات في مقابل الترويج للغرب وثقافة ویفرطون في ذلك.

 

طاهریان: إن أهم ما خلده صدرالدين هو ان كل أحد یبدي رأيه ویعلق علی الظواهر بحسب فهمه(فهو قال ما كان یدور في مخيلته). شيخ الاشراق ایضا فعل كذلك إذ قال إن أفكار ابن سینا محترمة لكنني لدي رأي آخر أرید قوله.

 

رمضاني: بعض الأحیان نقوم بعملية لوم للآخرين على ما فشلنا به! لاينبغي الالقاء اللوم علی الآخرین بسبب قصر فهمنا لبعض القضایا. من یستطیع الاتیان بأفكار جدید فليفعل. صدرالدین الشیرازي واجهت مضایقات كثیرة لكنه صمد وواصل المسیرة وبالتالي استطاع أن یأتي بأفكار جدیدة. الآن من یستطیع الاتیان بنظرية فاليتقدم حتی وان لاقت نظريته معارضات. المهم ان یقوم بمحاولات جدیة في هذا المجال. المشكلة هي اننا لیس لدینا أفكار جدیدة لذلك نتوسل إلی شن الهجمات علی هذا وذاك…

طاهریان: في بعض الجامعات كجامعة طهران لایسمح لأي أحد توجه نقد لآراء صدرالدين.

 

رمضاني: علینا القيام باتخاذ خطوات تحول الفلسفة إلی أداة تساعدنا وتعلمنا كيفية العيش. نحن لانستطیع فرض ارادتنا علی الفلسفة. الفلاسفة طرحوا نظریاتهم ومضوا إلی سبیلهم. واجبنا الیوم یتمثل في دراسة هذه النظریات وتحویها إلی علم ونمط حیاة و..الخ. المشكلة هي اننا لم نقم بهذه الخطوات. من هنا یجب علینا ان نعلن: لو ظهر في مجتمعنا فيلسوف جدید فبها وإلا فعلینا القيام بتطبيق النظریات الموجودة لنری هل یمكن تحویلها إلی نمط حیاة أم لا.

 

بيرمرادي: لقد دخلنا في دراسة الإشكالیات. لقد ذُكر بأن نظامنا التعليمي غیر قادر علی تربية مفكرين. لو صح هذا القول لابد لنا من الاعتراف بأننا نعاني من إشكالية كبيرة. الثورة الإسلامية عندما انتصرت شكلت تحدیا كبیرا للقوی العالمية؛ لأنها رفعت شعار لا للاشتراكية الشرقية ولا للعلمانية الغربية وبذلك طرحت نوذجا جدیدا سمی النظام الإسلامي. إن النموذج الإسلامي قائم علی مجموعة من القيم والمبادئ. مع الأسف الشدید، نظامنا التعليمي لم یطبق هذه المبادئ بشكل كامل أو كما ینبغي تطبیقه، لذلك ضل نظمنا التعليمي في المدارس والجامعات یعاني من إشكاليات بالرغم من التأثیرات العالمية لنظامنا السیاسي.

ماهو السبب الحقيقي لذلک؟ أحد الأسباب هو اننا لیس لدینا فيلسفوف قادر علی تبيين مبادئ الثورة الإسلامية بشكل صحیح. ثورتنا الإسلامية لدیها مبادئ فلسفية خاصة، لكن البعض-منّا- یقوم بتحدي الثورة الإسلامية بمادئ فلسفية أخری. الحقيقة هي اننا لدینا مبادئ فلسفية خاصة بنا. ابن سینا فيلسوف مستقل. السهروردي هو فيلسوف بالمعنی الحقيقي. ان هؤلاء لدیهم آراء وأفكارهم الفلسفية الخاصة. فلسفة هؤلاء مستقلة عن فلسفة الیونان، فهي فلسفة جدیدة. فلسفة صدرالدین الشیرازي ایضا كذلك. إن ابن سینا يتحدث عن فلكیات بطلميوس والطبیعیات القديمة، لكن صدرالدین لايقوم بذلك. الأسفار الأربعة لاتحتوي أي شيء عن الطبیعیات. علی أي شيء یدل هذا؟ ان هذا یدل علی ان صدرالدین قام بمعالجة القضایا وفقا لما تقتضیه الظروف في عصره. ماهي حاجات مجتمعنا في المرحلة الراهنة؟ فلسفة صدرالدین لاتلبي حاجات عصرنا الحالي. نحن الآن بحاجة إلی فيلسوف جدید قادر علی معالجة القضایا الراهنة إلی جانب امتلاكه معرفة تامة بلسفة صدرالدین. انه لایكتفي بالآراء السابقة. انه یقوم بصیاغة نظریات تتضمن أفكارا جدیدة. الفلسفة القديمة كانت تلائم العلوم القديمة. هل نمتلك الآن فلسفة تلائم العلوم الحديثة؟ العلوم بشكل عام تثیر الأسئلة. هذه الأسئلة تحتاج فيلسوف ليجیب عنها بالأدلة والبراهين. نظام ابن سینا الفلسفي یتلائم مع علم النجوم الذي كان سائدا آنذاك، لكن هذا العلم قد تغیر وتطور في عصرنا الحالي.

یذكر الدكتور حائري بأنه كان نزور الإمام الخميني برفقة مجموعة من العلماء لقراءة الأسفار الأربعة، لكن في یوم من الأیام طلبنا منه ان یحدثنا عن الفلكیات. يقول الدكتور حائري بأن الإمام رفض الحدیث ذلك لأنه كان یعتقد بأنها أصبحت من الأباطیل، وان كانت في السابق تعتبر من العلوم السائدة..

قائد الثورة الإسلامية یؤكد بشكل مستمر علی ان علومنا الإنسانيا لاتتناسب مع ثقافتنا(أي انها بحاجة إلی تعدیلات). من الفروق الأساسية بين نظامنا الفلسفي والنظام الفلسفي في الغرب هو اننا نؤکد بأن العقل لایقع-ابدا- في الجهة المقابلة لخالق الكون؛ فالعقل نور كما ان الله نور. العقل هو رسول، كما ان النبي ایضا رسول الله. ان الرسول الخارجي جاء لدعم الرسول الداخلي ولیس لمواجهته! فهناك تعاون بين الرسول الداخلي والرسول الخارجي. الإسلامية یمتلك رؤية كؤنية فلسفية؛ وعلیه إذا طرح أحدا سؤالا عن الإدارة في الثورة الإسلامية، یجب الرد علیه من خلال تبيين مبادئ هذه الثورة. إذن نحن بحاجة إلی فلاسفة جدد یمكنهم الرد علی القضایا العصرية. لهذا السبب نقول ان عجز النظام التعليمي عن تربية مفكرين جدد، یعد بمثابة إشكالية كبیرة لابد من معالجتها.

علی الفيلسوف في النظام الإسلامي رسم نمط حیاة يتلائم مع قيمنا ومبادئنا الفكرية. ابن سینا وصدرالدين الشیرازي كانا كذلك. كونت ایضا كان كذلك. إن إجابة الفيلسوف علی الأسئلة التي تطرح في عصرنا الحالي تكون مدعومة بالبراهين والأدلة. هذا ما نحتاجه في المرحلة الراهنة.

ثمة أسئلة عدیدة تطرح نفسها وتحتاج إلی أجوبة مقنعة، منها: علی أي فلسفة يستند علم الاجتماع في بلدنا؟ علم النفس-في بلادنا- قائم علی أي فلسفة؟

 

رمضاني: هل تحتوي كتب كونت علی نمط حیاة؟ هل تطرح كتب كونت القضایا العلمية بشكل مباشر أم لا؟ إن كونت یتحدث بصورة فلسفية في كتبه لكن البعض استعان بمؤلفاته وآراءه وقاموا باستخراج واستنباط نتائج علمية منها. فإذا علمنا ذلك، هل يحق لنا بعد الآن، الاحتجاج ومعارضة مؤلفاتنا الفلسفية كمؤلفات العلامة الطباطبايي بحجة انها لاتحتوي علی نمط حیاة؟ نعم بعض الأحیان يقوم الفيلسوف بنفسه بإتخاذ الخطوات التالية، ففي هذه الحالة یكون كمن یقوم باستحداث فرع علمي جدید ویقوم بتنفیذه بعد صیاغة مبادئه النظرية. لكن القيام بالخطوات التالية(وعادة ماتكون عملية) لیس بالضرورة تكون من واجبات ومسؤولیات الفيلسوف. الدلیل علی ذلك هو ان مؤلفات كونت لاتتضمن القضایا التي تتحدث عن شؤون الحیاة بشكل مباشر وبهذه الدقة والتفصیل الذي نشهده في العصر الراهن.

 

فهيمي فر: هل قام كونت بالحدیث عن الفلسفة السیاسية انطلاقا من آراءه الخاصة؟

 

رمضاني: كونت لم یطرح الفلسفة السیاسية بشكل مباشر.

 

بیرمرادي: ثمة فيلسوف يستعین بأفكار وآراء كونت.

 

رمضاني: نحن ایضا یجب ان نستعین بآراء المفكرين والفلاسفة المسلمين لاستخراج معايير نمط الحياة الصحيحة.

 

بیرمرادي: المفكر في مجتمعنا إما يكون لها مبادئ وأسس فلسفية یسیر علیها في طرح آراءه، ففي هذه الحالة تكون رؤيته السیاسية مبنية علی نظام فكري خاص ومحدد، وإما علی نظام فكري داخلي وهو نظام فكري اسلامي. الفلاسفة في الغربية یؤمنون(في الغالب) بأن الدين یقع في النقطة المقابلة للعقل، لكن الفلاسفة المسلمین یقولون بأن الدين والعقل یجتمعان في أصل واحد. الفلسفة الإسلامية تعتبر الله حكيما، وعلیه اطلق الفلاسفة المسلمون عنوان الحكمة علی الفلسفة. في الفلسفة الإسلامية الحكيم المطلق هو الله، أما النبي(ص) فهو معلم الحكمة الإلهية، وعلیه یقال بان النبوة هي مصدر الحكمة. إذن في الإسلام لاتعتبر الفلسفة جهة مقابلة للدین.

 

فهیمي فر: بعض الفلاسفة المسلمين، كالفخر الرازي لدیه رؤية ورأي مختلف عن هذه الآراء.

 

رمضاني: هذه الرأي سائد بين اتباع الأشعرية.

 

طاهریان: ربما هذه الرؤية تكون صحية في الكثیر من الأحیان لكن جعل هذه العبارة: «كلّ ما حكم به العقل حكم به الدّین/ أو الشرع» قاعدة اسلامية ثابتة. من القضایا الهامة والتي تطرح بشكل كبیر في هذا المجال هي: هل المقصود بالعقل هو العقل الذي وهبه الله لعباده؟ بعبارة أخری: هل هناك اختلاف بين العقل الذي وهبه الله لجمیع الناس والعقل الفلسفي؟ الشعار الذي رفعه الغرب-بعد ان زعم بأنه امتداد للشعار الذي رفع في الیونان القديمة- هو العیش بالعقل السلیم؛ أي العقل الذي وهبه الله للجمیع.  وعلیه نلاحظ الفخر الرازي وفي كتابه”الطب الروحاني” یؤكد بأن استاذه هو سقراط، إذ یقول لو اننا استخدمنا أحد اعشار العقل لكان كافیا لنا. فمن یعمل بنسبة قليلة من العقل سوف یحصل علی السعادة.. ما أرید قوله هو اننا لانستطیع ان نجزم بأن كافة فلاسفتنا یعتبرون العقل والإیمان شیئا واحدا. بعض الفلاسفة كابن سینا یقول في الاشارات، بأن لایؤمن بالآخر عبر إقامة البراهين، بل یؤمن به لأن من أخبر عن الآخر هو شخص صادق. فإذا كان ابن سینا مؤمنا بهذه العبارة(كلّ ما حكم به العقل حكم به الدّین) لقال بأن البراهين موجودة ولفعل كما فعل صدرالدین الذي اراد إقامة البراهين. إذن هذه الرؤية لیست رؤية عامة ومشتركة لدی الفلاسفة المسلمين.

رمضاني: في روایاتنا وتعلیقا علی قوله تعالی: { و لقد آتینا لقمان الحكمة} ذكر بأن المقصود من الحكمة هو الفهم والعقل، وهذه العمل تشمل العقل النظري والعقل العملي.(المصدر: اصول الكافي المجلد الأول) وورد ایضا عن الإمام الصادق(ع) في شرح قوله تعالی: {وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً کَثيراً} قال علیه السلام: المقصود بالحكمة هو طاعة الله ومعرفة الإمام.(المصدر نفسه). وعلیه یمكن القول: إن نتيجة امتلاك الحكمة هي طاعة ومعرفة الإمام.

 

طاهریان: برأيي ثمة فرق بين هذا وذاك. فقضية الشهود العقلاية هي شيء هي قضية مختلفة.

علی سبیل یقول ابن سینا: إن السبیل اكتشاف المعرفة الخاصة بالاستدلال العقلي هو البرهان (أي الاعتماد على القياس البرهاني) أي ان مصدر المعرفة هو العقل الفلسفي؛ العقل الذي یقوم بالقیاس والبرهان. أما العقل الذي تتحدث عنه الروایات(كـ اوّل ما خلقه الله العقل) هو الذي یطلق علی الحكمة العملية؛ أي العقل الذي وهبه الله لكل إنسان.

 

رمضاني: سماحة الدكتور أنا أشرت للمصدر وذكرت بأن ما أقوله ورد في المجد الأول لأصول الكافي وتعلیقا علی قوله تعالی{ ولقد آتینا لقمان الحكمة}؛ إذ قيل بأن المراد هو الفهم والعقل. فلو قيل “العقل” بحد ذاته لقلنا بأن المقصود هو العقل العملي. وعلیه اننا لانستطیع ربط الفهم بالعقل العملي.

بیرمرادی: حتی في مجال البعادة واداء الطقوس الدينية یبحثون علی البراهين والأدلة. علی بسیل المثال ابن سینا عندما یؤمن بیوم الحساب، بالتالي هو مؤمن بأن النبي لديه أدلة برهان علی وجود یوم القيامة.

 

طاهریان: البعض وإن كان لایمتلك معرفة كافية في حقل من الحقول، لكنه لدیه ثقة تامة بمن یعمل في ذلك الحقل؛ لذلك یعترف بأنه جاهل  ولیس علی دراية بحیثیات الأمر لكنه في نفس الوقت مؤمن بهذا المسار لأن الشخص القائم علی العمل هو شخص موثوق به.

 

بیرمرادي: الفيلسوف يؤمن بالأشیاء بعد الحصول علی البراهين والأدلة.

 

زورق: ثمة جدل ونقاش حول كون العلمانية والحضارة المادية الغربية(الحالية) هي امتداد للحضارة الیونانية مع العلم ان غالبية القضایا المطروحة تستند إلی هذه الفرضية.  بعض الأساتذة الناشطین في مجال العلوم الإنسانية یعتبرون الحضارة الغربية امتداد لحضارة الیونان القديمة.

صحیح ان الاعتقاد بعالم المادة وعدم وجود عالم ماورائي كان سائدا في العصور الماضية، لكننا اليوم نتحدث عن نوع خاص من العلمانية(توجهات الحضارة الغربية)؛ هي علمانية لديها توجهات سیاسية وتزعم انها ترید تغییر العالم. انها ترید تنظيم القواعد العالمية وفقا لرؤيتها الكونية. لاشك ان هذه العلمانية لیست لها جذور في الحضارة الیونانية القديمة.

النبي الأكرم(ص) عندما بعث للناس ورفع شعار:« قولوا لا اله الا الله تفلحوا »؛ احدث ثورة اجتماعية في شبه الجزیرة العربية. إن قراءتنا للتأریخ الإسلامي تعاني من إشكالیات. علی سبیل المثال عندما نقوم بقراءة هذا التأريخ نركز علی الشخصیات التي آمنت برسالة النبي متجاهلین سلوكیات النبي وكفاحه تصرفاته وخطواته وتأثیره علی الذين لم یؤمنوا به. اننا نتجاهل هذه الأحداث الخفية. ارجو ان لایفسر كلامي علی أنه مطالبة بضرورة دراسة مواصفات المجتمع القرشي.

لقد ارغم بني امية علی التنازل عن عبادة الأوثان بعد مرور 21 عاما من الحروب مع النبي الأكرم(ص)، لأنهم كانوا ینادون الأصنام(كقولهم:«اعل عُبل») وكان عددهم یفوق اضعاف عدد المسلمین لكنهم هزموا في المعارك. لقد تبین لهم بأن الاصنام عاجزة عن انقاذهم. ابوجهل هزم من المسلمين(وكان عددهم 313 مقاتل) في غزوة بدر بالرغم من ان قوام جیشه تجاوز المئات(كان قوام جيش قريش نحو ألف وثلاثمئة مقاتل في بداية سيره). في غزوة أحد هزمت قبيلة قريش فكانت بقيادة أبي سفيان، وكان قوام جیشها یجاوز الـ 3 آلاف مقاتل مقابل 700 مقاتل مسلم. بلغ عدد المسلمين في غزوة الخندق ثلاثة آلاف، أما المشركون فكان عددهم عشرة آلاف مقاتل، والنصر كان من نصیب المسلمين. في نهاية المطاف انهارت الوثنية بعد مرور 20 عاما من الحروب بين المشركين والنبي الأعظم(ص)، وبذلك ارغم بني أمية علی ترك عبادة الأوثان.

انهم(بني امية) وان تركوا عبادة الأوثان لكنهم لم یؤمنوا ایمانا صادقا بالله بل اعتنقوا العلمانية. في صباح اليوم الذي فتحت فيه مكة، توجه ابوسفیان للنبي الأعظم وقال له: لازالت اشكك بكونك نبي الله.

عبادة الأوثان خرجت انبعث من أفكار ابوسفيان واصنافه؛ فلاهو ولا من تبعه لم یؤمنوا ایمانا قلبیا بالله. ماذا تبقی في عقليته؟ إصالة الطبيعة؛ لأنهه لم یتسطع نكران الطبيعة. وإصالة الملذات؛ لأن الحصة الوحیدة التي نحصل علیها في حیاة الدنیا هي الذة والاستمتاع. وإصالة القوة؛ لأن القوة تمكن الشخص من الحصول علی نسبة من الملذات.

عندما آمن ابوسفیان كان یؤمن بثلاثة قواعد؛ إصالة الطبيعة وإصالة اللذة وإصالة القوة. فهذه الأصول الثلاثة هي التي كان یؤمن بها ابوسفیان. في تلك المرحلة لم یكن لتمثال اللات وهبل وعزّی مكان في مخيلته. لكنه أراد أن تكون له سلطة في المجتمع الإسلامي الثوري. أراد أن یعوض عن الهزائم التي تكبدها في الحروب التي رفع فيها شعار أُعْلُ هُبَل. إن نتيجة هذا الطموح كانت ان أباسفيان واتباعه تحولوا إلی حزب علماني یعمل في السر.

كانوا حزبا علمانیا یعمل  في الخفاء. كانوا حزبا لأنهم أردوا السیطرة علی المجتمع من خلال سلطة تابعة لهم. كانوا علمانيين لأنهم كانوا یؤمنون بثلاثة أصول. كانوا یعملون بالسر لأنهم لم يكونوا في ظروف تسمح لهم بابداء ما في صدورهم والبوح به. لقد تجاوز هذا الحزب الخلفاء الراشدین وقام بتأسيس الامبراطورية الأموية؛ امبراطورية شعارها اسلامي وهيكلها التنظيمي علماني. بما ان هؤلاء كانوا یرون في الدین أداة للسیطرة علی مقالید الحكم؛ كانوا یكیلون التهم للنبي الأعظم(ص) حیث زعموا بأنه كان یسعی للسیطرة علی الحكومة (بعض المصطلحات والمواضیع التي تطرح الیوم في العلوم السیاسية والعلوم الاجتماعية ولها صلة بهذه الادعاءات، في الحقيقة لها جذور تاريخية). لقد قال هؤلاء: “لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء و لا وحي نزل”. هذا هو الخطاب الذي صدر عن بني امية. لقد هزم بني أمية في الشرق، حیث تمكن بنو العباس من السیطرة علی الحكم بشعار: الرضا من آل الرسول. من تبقی من سلالة بني أمية تحولوا إلی شبه الجزیرة الایبيرية حیث قاموا بتشكل نظام ثنائي القطب(مسلم-مسيحي) هناك. عندما انتقلوا إلی هناك، تنازلوا عن شعار الخلافة، لكن بعد ذقامة الدولة الفاطمية في شمال افريقیا، عادوا من جدید رافعین شعار الخلافة. انهم ومن أجل تشكیل نظام ثنائي القطب(اسلامي-مسيحي) قام بتشكیل ولایات مسيحية في شمال شبه جزيرة أيبيريا. هذه الولایات لم لیس لها أي صلة بالمسيحية(جذورها التأريخية لاتعود للمسيحية) كمملكة قشتالة ‏(كانت واحدة من ممالك القرون الوسطى من شبه جزيرة أيبيريا)، واراغون، ونافار وليون(مدينة ليون الفرنسية هي في الحقيقة النسخة المصغرة لمملكة ليون المسيحية في شبه جزيرة أيبيريا). لقد كانت تربط المالك الإسلامية والمسيحية علاقات مشتركة علی مستوی النخب والمفكرين. علی سبیل المثال بعض الأحیان یكون الحاكم الإسلامي(الأموي) في قرطبة حفيد لحكام الممالك المسيحية كليون أو نافار والعكس صادق ایضا. لكن علی المستوی الشعبي، كان حكام هذه المالك یشجعون المسلمين والمسيحيين علی القتال. لقد تمكن حكام هذه الممالك(المسيحية) أن یتحولوا-شینا فشیئا- إلی أكبر قوة في اوروبا، ومن خلال السیطرة علی الاوروبية بدأوا بالتخطیط للسیاسات الاستعمارية الهادفة لاستعمار دول العالم. إن هؤلاء هم المغامرون الذين تلقوا تعليماتهم من بني أمية وعملوا علی فرض سیطرتهم علی الجزر الاستراتيجية في البحر الأبیض المتوسط خاصة أهم جزیرتين في المياه الإقليمية الایطالية والفرنسية. إن هؤلاء المغامرون تمكنوا من فتح هذين الجزیرتین.. وتمكنوا من فتح سلسلة جبال الألب . ویذكر محمد عبدالله عنان بأن معالم الحصون الحربية الخاصة بهؤلاء لازالت موجودة في سلسلة جبال الألب. ثم تعرفوا شیئا فشیئا علی الممرات والطرق المؤدية لأوروبا. بعد ذلك اعتمدوا مخطط مدروس وفي نفس الوقت عدواني أدی إلی حدوث صدام بين الإسلام والمسيحية في شبه الجزیرة الایبیرية(الصراع وقع بين إمارة الاندلس الإسلامية والولایات المسيحية الحدیثة الظهور). لقد قام هؤلاء بعدة خطوات منها:

-قتل المسيحيين وقطع رؤوسهم ثم بناء منارات بالرؤوس المقطعة(تنظيم داعش الإرهابي كرر هذه الجرائم في السنوات الأخیرة).

-ارغام الجنود المسيحيين عیل تخریب الكنائس ودور العبادة. إلی جانب ارغامهم علی نقل التراب من مدينة راقـُون(منطقة تقع في شمال شرق إسبانيا) إلی  قرطبة لبناء مساجد فيها.(الجنود هم من یقوم بعملية البناء)

-لقد قاموا بقطع رؤوس الفتایات المسيحية بتهمة سب النبي الأعظم، ثم ارسلوا جثثهن إلی الولایات المسيحية. هكذا قاموا باشعال بفتیل الحزازات والنعرات الطائفية. وعلیه تذكر المصادر التأریخية بأن الجنود الصليبيين احتشدوا من جنوب فرنسا وانضموا إلی میادین القتال. أي انهم جاؤوا من الولایات الحديثة الظهور؛ الولایات التي لیس لها جذور لا في الإسلام ولا في المسيحية. إن هذه الولایات هي التي دعمت واشعلت الحروب الصليبية. أما الخطوات الأموية الكبری بدأت بعد الحروب الصليبية. انهم تحولوا واختبأوا تحت غطاء المسيحية. رجل یدعی فریدریش الثاني(العظيم) أصبح ملكا لألمانیا. أختار مدينة “صقلية” عاصمة لحكومته. لقد كانت صقيلة آنذاك تابعة للأراضي الإسلامية”برج بيزا” المائل وهو برج جرس كاتدرائية مدينة بيزا الإيطالية، تم بنائه تخلدیا لذكری انتصار المسيحيين علی المسلمین في الحروب الصليبية. هؤلاء المغامرون تحولوا فيما بعد إلی هيكلية اجتماعية جدیدة في اوروبا.. استغلوا النظام الاقطاعي في اوروبا، وقاموا بشراء العبید، واستقطبوا الفرسان وقاموا بتشكیل حكومات محلية وفي نهاية الماطف تمكنوا من هزيمة الأرستقراطية القائمة علی امتلاك الأراضي وإقاموا الأرستقراطية القائمة علی الصناعة. في القرن الثالث عشر، قام “فريدرش الثاني بخطوتين: 1-نشر ثقافة الالحاد في اوروبا. 2-كان فریدریش یجید العربية إلی جانب اللاتينية وهذا مان یتمیز بها امراء بني امية في الاندلس. إن لغة قوات حرس الأمراء في الأندلس كانت لاتينية لذلك كان یقال لهم الخُراس! انهم كانوا من السلافيين. والمعروف ان هؤلاء الأشخاص غير مسموح لهم التحدث بالعربية(لغتهم كانت لاتينية). لقد كان بعض الأمراء المسلمين یترددون علی بلاطه. وكذلك الأمراء بالنسبة للأمراء المسييحین والیهود. إذا لم أكن مخطئا، كان ابن رشد الأندلسي ایضا یتردد علی بلاط فریدریش الثاني.

إن أول خطوة قام بها فریدریش هي مواجهة العلوم الإسلامية وفلترة العلوم التي انتجها العلماء المسلمون؛ تلك العلوم المرتبطة بالالهیات والفلسفة والعرفان والأدب وكل ما له صلة بالإسلام والشريعة. من جهة ثانية، أمر بترجمة كل كتاب یخدم حكومته والطبيعة والقيم المادية. في الكثیر من الأحیان، نشرت الكتب الإسلامية(التي تنشر الثقافة المادية) في اوروبا بأسماء مؤلفيها(من المسلمین)؛ فقد قاموا بنشر مؤلفات ابن الهيثم(عالم موسوعي برز في علوم البصريات والفيزياء والهندسة) ومؤلفات الخيام في الریاضیات، ومؤلفات الخوارزمي في الریاضیات ایضا.

كما قاموا بترجمة العلوم الإسلامية التي تخدم إصالة الطبيعة واللذة والقوة. في هذه الحقبة الزمنية تُرجمت المؤلفات اليونانية إلی اللاتينية(ترجمة هذه المؤلفات كانت من العربية إلی اللاتينية، أي أنها نقلت للشرق أولا قبل ان تنشر في اوروبا). فمؤلفات افلاطون وارسطو ترجمت من العربية إلی اللاتينية، وهذا یعني انها لم تصل إلی اوروبا قبل ان تُنقل العربية. الأمويون في المرحلة الأولی قاموا بتدمیر الحضارة الإسلامية(عبر الخطوات التي ذكرتها آنفا)، والمرحلة التالية انتقلوا إلی الحضارة المسيحية.

حتی القرن الثالث عشر، كل اللوحات التي صورت السید المسيح(ع) صورته مرتدیا الملابس. والسیدة مريم ایضا محجبة. الحواريون ایضا كذلك. لكن رسومات عصر النهضة قامت بتغییر تلك اللوحات. لقد قام الرسامون في هذه الفترة بتصویر السید المسيح دون ملابس. قاموا بنشر لوحات للسیدة مريم وهي سافرة بدون الحجاب. هذا إلی جانب قضية التكوين والخلقة التي ذكرت في الانجیل والتوراة.. ان هذه الكتب تصور آدم سافر دون حجاب(عورته-فقط- مستورة بورقة الشجر). انهم قاموا برسم صور الحواريين كما خلقوا ودون ملابس في كنيسة سان سباستيان(تقع في ميدان أنايا في مدينة سلامنكا في إسباني). هكذا صورا لنا الذين جاءوا ليحرروا من الشهوات ومتاهات الفكر البشري ویرشدونه نحو الفطرة الإلهية. إن تاريخ تحريم الزواج على جميع القساوسة والرهبان يعود إلی القرن الثالث عشر؛ أي في عهد البابا إينوسنت الثالث وهو بابا الكنيسة الكاثوليكية من 8 يناير 1198 وحتى وفاته عام 1216. قبل ذلك التأریخ كان القساوسة والرهبان یعیشون حیاة طبيعية، لكن یبدو ان الذين احدثوا شرخا في الإسلام ووجه له ضربات من الداخل، أرادوا تدمیر المسيحية ایضا(ونجحوا في ذلك) حیث تمكنوا من بناء الحضارة العلمانية المادية.

إن ما یتجلی في حیاة الإنسان الغربي هو انعكاس لشعار ابو سفيان: إصالة الطبيعة وإصالة القدرة وإصالة اللذة. إن هذا الشعار یتجلی بوضوح في الحیاة المادية الغربية. ثم ان الحضارة الغربية لیست امتدادا لحضارة اليونان القديمة، بل انها امتداد للحضارة الأموية اليهودية في الشرق والغرب.

من يعیش في اوروبا یلمس إصالة اللذة التي یروج لها الغرب بكل صراحة ووضوح. الغرب یحترم فترة الشباب لأنها التفرة المناسبة التي یمكن للشخص ان یستمتع بها. ان المتعة التي یستشعرها الشباب لایمكن للشيوخ وكبار السن ان یحصلوا علیها، بينما الأمر بالنسبة لثقاقفتنا یختلف تماما. الفلسفة توظف في خدمة الرؤية الكونية للحضارة الغربية. فلو وجد فيلسوف لايخدم هذه الرؤية في آرائه وأفكار، سوف یظل مجهولا(لاتروج له دي جهة). الغرب يقوم بتجاهل آمثال توماس ماكلوين (بروفيسور أمريكي في الفلسفة اللاهوت وعلم الأديان المقارن) لآنه اعتنق الإسلام. ويقوم بطرد أمثال”جون كوبر”(محاضر في جامعة اكسفورد) بسبب اعتناقه الدیانة الإسلامية. لكن “كارل هانريك ماركس”، الذي یعرف علی انه فيلسوف ألماني؛ تحول في الـ31 من عمره إلی العیش في لندن، ومات ودفن فیها. أهم كتبه طبعت في العاصمة البریطانية. زمیله”انجلز”كان من أهالي مدينة مانشستر(وهو الماني)، لقب بأبو النظرية الماركسية إلى جانب كارل ماركس، ویعد واضع لفلسفة التي تساهم في تكوین نظام ثائي القطب؛ قطب رفع شعار اللیبرالية والحرية، وقطب رفع شعار الماركسية والعدالة. ان هذا الفكر استطاع ان یخدم الرؤية الكونية الغربية طيلة سبعة عقود من الزمن.

هناك من یری بأن الفلسفة في الغب تمر في مرحلة النمو والولادة الجدیدة. شخصیا لدی رأي آخر یرفض الآراء القائلة بحركية الفلسفة في الغرب رفضا باتا. عصرنا الحالي هو عصر ركود الفلسفة في الغرب. الغرب یشعر حالیا بحاجة ماسة إلی نهضة فكرية حدیثة(لأنه یفتقدها). في بریطانیا لايمر شهر -من أشهر السنة- لاتقيم فیه الحكومة المراكز البحثية البریطانية مؤتمرا حول فلسفة صدرالدین الشیرازي. بينما یقوم البعض منّا بنفي جهود صدرالدین رافضا انجازاته الفلسفية. الإنسان الأوروبي یعكف حالیا علی البحث في فلسفة صدرالدین بكل دقة وتمعن. في الحقيقة الغرب وفي رحلة البعض عن النظریات الجدیدة یستعین بآراء صدرالدین. ماذا یقول صدرالدین في فلسفته؟ انه یؤمن باصالة الوجود ولیس اصالة الماهية لأنه لايوجد أي شيء غیر الوجود والماهية تتكون بحد ذاتها، فالكائنات توجد في مراتب وهذه المراتب هي التي تكوّن ماهية الأشیاء والكائنات.

إن الجدول الدوري(لديمتري مندلييف) هو عبارة عن صورة كامل لوحدة الوجود في الفیزیا. يقول “ديمتري مندلييف” إن الفرق بين الهيدروجين مع النحاس لیس له علاقة للماهية بل للوجود(الماهية واحدة لكن في الوجود یختلفان).

يوجد في الهيدروجين إلكترونين اثنين. في الاسيجين 16 إلكترون. وفي النحاس 64 إلكترون. كما هو واضح اننا نلاحظ علاقة بين ما طرحه صدرالدین في الفلسفة وبين ما طرحه ديمتري مندلييف في الفیزیاء. وبالرغم من وجود هذه الحقائق(التي تثبت امتلاكنا علوم خاصة بنا) تسود في اوساطنا العلمية نظرة انهزامية تسعی بعض المراكز وبعض الشخصیات الترويج لها.

النقطة الأخری التي أرید التأكید علیها هي ان الشرق هو مركز اطلاق وصیاغة النظریات. أقول هذا ردا علی الأساتذة الذین یزعمون بأن الشرق غیر قادر علی التنظیر. إن عدم اطلاعنا لاینبغي أن یدفعنا إلی اطلاق أحكام. في الحقيقية حان وقت الاعتراف بأن لا وجود للغرب دون «شرق».

مع الأسف الشدید، ان أحد أكبر الإشكالیات التي طالما عانینا منها في العلوم الإنسانية تتمثل في عدم القيام بتحلیل تاريخ عصر النهضة. الیوم توجد مراكز في بریطانیا لتدراسة عصر النهضة(تم تخصيص مركزين لدراسة كل ما یتعلق بعصر النهضة فقط).

لكن ماهو تصورنا لعصر النهضة في الغرب؟ كل مانعرفه عن هذه النهضة هو ما أوردته لنا التقاریر. لكن هل هذه التقاریر موثوقة؟ اقولها بصراحة ان بعض هذه التقاریر لیس لها أي قيمة، منها ما طرحه “صامويل فيليبس هنتنجتون” في أطروحته بعنوان صراع الحضارات والتي تحولت لاحقا إلی مبادئ تسنتد إلیها اميركا للتعامل مع الدول الإسلامية. علینا الآن التخطیط للذین یریدون العمل في مجالات العلوم الإنسانية(أي للأجیال التي سوف تتولی هذه المجالات). نحن في بداية الحرب المفروضة(1981) تمكننا من تحقيق الانتصار علی الجیش البعثي -الذي كان جیشا قویا- دون ان نمتلك أي أدوات. اننا هزمنا بلد كانت میزاتنه تقدر بـ50 ملیار و800 ميليون دولار؛ بلدٌ تلقی مساعدات من الدول العربية تجاوزت قيمتها الـ 30 ملیار دولار.

ماهي أسباب تحقيق هذا الانتصار؟ لاشك انه یعود إلی الروح المعنوية التي تحلی بها المقاتل الإیراني. انه كان یدخل ساحة القتال بشعار “یاحسین”. ومن هنا علینا ان نوجه سؤال للعاملين في مجال الفلسفة: هل یمكنكم دخول ساحة الدراسات والأبحاث الفلسفية عبر رفع هذا الشعار؟ لابد من القيام بذلك دفاعا عن الحضارة الإسلامية، وخلال ذلك لانولي أي اهتمام بالذين یرفضون هذا التوجه وسلبونا من بعض حقوقنا(كالحصول علی وظائف في المراكز العلمية والجامعات). لاحد یستطیع صیاغة نظریات بالخمول والکسل!

شخصیا أری بأن التنظیر لایعرف الحدود(أي لایمكن تقسيم النظریات بحسب الحدود الجغرافية)؛ وعلیه لایمكن لأحد أن یقول بأن النظریات التي ظهرت في المناطق الجنوبية تختلف عن نظیراتها في المناطق الشمالية. العلم لاينشأ من داخل الأرض بل الارضية والخلفية المعرفية هي التي تنشيء العلوم.

ملخص ما ارید قوله یتمحور حول ثلاثة نقاط رئیسية. النقطة الأولی هي ان الحضارة الغربية الحالية لیست ولیدة الحضارة الیونانية ولیست استمرارا لها. الجدیر ان المسلمین یشكلون نسبة ملحوظة من سكان الیونان. النقطة الأخری هي ان الحاضرة الغربية مع تعد- الأسف الشدید -نوعا ما ولیدة الحضارة الإسلامية. انها خرجت من رحم التطورات والأحداثت التي تزامنت مع ظهور الإسلام.. أي إذا لم یكن النبي(ص) موجودا، ولم یظهر الحزب الأموي العلماني النزعة؛ لم تفتح شبه الجزیرة الایبیرية، كما لم یكن لدی الأمراء الأمويين في الاندلس طموح الانتقام من المسلمين في الشرق، كما لم یكن لدی هؤلاء طموح بناء جنات الخلد علی الكرة الأرضية وبالتالي لم تولد الحضارة الغربية.. النقطة الثالثة ترتبط بحاجتنا إلی رفع المعنویات واستعادة الثقة. نحن نحتاج إلی القضاء علی روح التقاعس والنظرة الانهزامية والتبعية العمیاء لكل وافد غربي. علینا ان لا نتقبل كل يصدره الغرب إلینا. لاینبغي لنا ان نؤمن بأن من مفاخر ارسوط هو انتفاضه ضد افلاطون، لكن في نفس الوقت نقوم بنقد صدرالدين الشیرازي لأنه عارض ابن سینا! إذا كانت معارضة الأستاذ تعد فخرا أو مثلبة، فانها لصدرالدين وارسطو علی حد سواء. لایمكن ان نزعم بأن ما یقوله الغرب صحیح تماما، وما یطرح من قبل الإسلام والمسلمین مرفوض تماما.

برأيي المهم هو الجانب النفسي والعمليات الذهنية الداخلية، وعلیه یوجد فرق بين احترام الطالب للأستاذ وبين تقبله لآرائه. علی سبیل المثال، كونت يحترم استاذه دیكارت لكنه لا یری أي سبب یجعله یكرر ما قاله استاذه من قبل. انه يقول: انا لدي معرفة مختلفة ایضا. برأيي هذه هي احدی الاشكالیات التي نعاني منها في نظامنا التربوي. لكونت عبارة شهيرة يقول فیها: كل انسان في جوهره غاية؛ أي لایمكن ان يحل محله شخصا آخر. ان هذه العبارة تؤكد عظمة الإنسان. انها تقول: یا ایها الإنسان انك خلقت لشيء لو تمكنت من اكتشاف مواهبك التي بداخلك، لایمكن ان یحل محلك شيء آخر.

لم يظهر في القرن الأخیر فيلسوفا في المجتمعات الإسلامية كاية الله الطباطبائي بالرغم من امتلاكنا ثقافة ومصادر دينية قيمية ككتاب البداية والنهاية وهو عمل موسوعي ضخم.. مصادرنا التراثية تحث علی التحصيل العلمي والمعرفي.

برأيي ان احد الأسباب التي جعلت فلسفتنا تعاني من إشكالیات هي اننا لم نقم بصیاغة نظریات فلسفية اعتمادا علی القرآن. ففلسفتنا لیست خالصة(لم نقم بتوطين الفلسفة). عندما لانقوم بصیاغة فلسفة خاصة بنا، لايمكن ان توقع ظهور فلاسفة في مجتمعاتنا. من الأخطاء الأخری التي ارتكبها المسلمون هو قیامهم بترجمة التأريخ الذي تمنیت لو لم یقوموا به! لأنهم كانت لديهم انجازات وابداعات في العلوم الطبيعية.القرآن يقول: آیه {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَك فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ..}. إن كافة الفلاسفة-من افلاطون حتی یومنا هذا- طرحوا قضية وجود الإله.(لایوجد فيلسوف قال اننا لا نحتاج إلى برهان لوجود الله )

 

زورق: ألم يقم ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺸﻴﺮﺍﺯﻱ بذكر وشرح ذلك في كتاب “المشاعر”؟

 

طاهریان: یکفیه ان قام بطرح برهان الصديقين فهذه دلالة تکفي لإثبات عدم شکه بوجود الله. برأيي نحن نمتلک نصادر قيمة في مجال الفلسفة. القرآن الکريم(وما فيه من اعاجاز) هو أحد هذه المصادر. برأيي أهم إعجاز للقرآن هو ما یتضمنه من معاني فلسفية. إذن القرآن یحتوي علی قضایا فلسفية، فلا حاجة لطرح قضایا فلسفية في إطار قضية الجوهر والعرض. الحقيقة هي قضية الجوهر والعرض لاتوجد في القرآن، بل الذي یوجد هو الظلمات والنور. السؤال المهم الذي یطرح نفسه هو: ألا يمکننا صیاغة نظریات فلسفية من خلال الآيات التحدثت عن الظلمات والنور؟ لابد لنا من العودة إلی انفسنا وإلی ما نمتلک. نحن نمتلک اشیاء کصیرة. لدینا مصادر معرفية لاتعد ولاتحصی. لدینا منهجية خاصة بنا. ما نحتاجه هو القيام بدراسات للکشف عن العلوم في مصادرنا التراثية. یجب علینا العودة إلی الآيات القرآنية والأحاديث ونستشهد بها.

 

زورق: إن ماحدث في العالم الإسلامي أو ما شهده التاريخ الإسلامي یختلف عن رسالة الإسلام.(أي لیس بالضرورة ان یمثل ما شهده التاريخ الإسلامي أحكام الإسلام وتعالیمة). إن التأريخ الإسلامي شهد عدة أحداث تتنافی مع رسالة الإسلام، كحادثة اسشتهاد السیدة فاطمة الزاهراء(سلام الله علیها) وقضية سلب خلافة الإمام علي(ع)، وقضية استشهاد الإمام الحسین(ع) والأحداث المریرة التي حصلت في كربلاء، وكذلك استشهاد باقي الأئمة المعصومين علیهم السلام. لقد شهد التأريخ الإسلام ظهور تیارات لیس لها علاقة بالإسلام ورسالته. لقد ظهر الحزب الأموي الشيوعي في فترة من فترات التاريخ الإسلامي حاملا رموز الإسلام، بينما لاتوجد أي علاقة بين قيم هذا الحزب والقيم والمبادئ التي ارسی قواعدها الإسلام. إذن من الخطأ ربط الأمويين بالإسلام، ولابد من تصحيح هذه الفكرة الخاطئة.

 

رمضاني: ملخص ما تفضل به الأساتذة هو اننا لدینا فلسفة اسلامية وقرآنية وان ظلت محاولاتنا في هذا المجال غیر مكتملة. ويمكن القول لو امعنا النظر في الروایات والقرآن الكريم لاكتشفنا اشیاء جدیدة. إن القضایا الفلسفية التي تحدث عنها صدر الدین الشیرازي(ملاصدرا) هي فلسفة اسلامية متناسقة مع القرآن والروایات الإسلامية. انها فلسفة اصيلة غیرمستوردة لاتتناقض مع القرآن وغیر منفصلة عنه. من یستطیع استخراج قضایا فلسفية جدیدة من القرآن علیه ان یقوم بذلك. إذن نحن نمتلك فلسفة اسلامية قرآنية لكننا لم نستفد منها كما ينبغي. إحدی الأسباب هو غیاب النقد البناء. كل ما لدینا من آراء نقدية مرتبطة بالعصور الماضية. اننا قمنا بنقد فخر الدين الرازي والغزالي وعدد آخر من الفلاسفة، فالعملية النقدية عندنا لیست لها علاقة بالعصر المعاصر. وعلیه یمكن القول: النقطة الأولی هي اننا إما نفتقد لوجود النقد، وإما لم نتمكن من القیام بذلك، وإما الكتب التي تتوافر قابلة للنقد.

معظم الآراء الصادرة في العصر المعاصر هي عبارة عن شروح لآراء صدالدين الشیرازي. النقطة الثانية هي اننا انشغلنا بالتقنيات والأجهزة التي نستخدمها هذه الأيام. لقد اغرقتنا تلك الأجهزة بمادئها وقيمها الفكرية التي جاءت بها بشكل مبطن وغير مباشر. ما أرید قوله هو اننا نمتلك تراث فلسفي لكننا لم نستفد منه كما ینبغي. مع الأسف الشدید، ان نمط حیاتنا الیوم اصبح-شئنا أم ابینا- نسخة شرقية للحضارة الغربية. وبعيداً عن التفاصيل والجزئيات، السؤال الأساسي هو: ماذا علینا فعله في الوقت الراهن؟ علینا ان نقوم بنقد الفلسفة الغربية إلی جانب نقد فلسفتنا وهي الفلسفة الإسلامية. لابد من إدخال تعدیلات واصلاحات علی المواطن التي تحتاج إلی تعدیل(والحدیث عن الفلسفة الإسلامية).  الأهم من كل ذلك، لابد من توظيف الفلسفة الإسلامية في حیاتنا الیومية عبر إنتاج المعرفة، واكتساب المهارات التقنية الجديدة وتوظيفها في المجالات المختلفة كالفن و..الخ. لیس هناك سبیل سوی الاستعانة بالتراث واستخراج ما ینفع ادخاله في الحیاة الیومية. من الحلقات المفقودة في هذا المجال هي اننا لم نقم بادخال الآراء الفلسفية في انشطة الحیاة اليومية.

 

فهیمي فر: إحدی المشاكل هي ان خطابنا الفكري قد تغیر في عهد الدولة الصفوية.. بتبع ذلك الخلافات بين العلامة لمجلسي الأول والمجلسي الثاني.. النقد الذي وجه للعلامة المجلي(من قبل نجله) كان بسبب تفكيره الفلسفي. لقد وجدت مكاتب فلسفية في منتصف عهد الدولة الصفوية. في هذا العهد، بلغ المكتب الاصفهاني في الفن قمة الازدهار، لكن نهایات هذا العهد شهدت تراجع الفكر الفلسفي، ونتيجة لذلك لم يظهر أحد یمتلك أفكار فلسفية جدیدة.

المشكلة الأخری هي ان فلسفتنا ظلت علی ماكنت علیه ولم تشهد أي تطور. في الغرب، ظهرت تیارات جدیدة اطلق علیها الفلسفات المضافة. الفلسفات المضافة تعد بمثابة جسور بين الفلسفة النظرية والعلوم، فهذه الفلسفات تقوم بتطبيق الاستنتاجات الفلسفية في المجالات العلمية. الفلسفات المضافة لاتكاد توجد في إیران. الفلسفات المضافة هي التي تحول قضایانا اليومية إلی أسئلة فلسفية.

 

رمضاني: نعم بالضبط كذلك. الآراء الفلسفية الجدیدة لاتأتي عبثا، فانها تحتاج إلی أشخاص مؤهلين تأهيلاً عالياً لكي یتمكنوا من صیاغة نظريات جدیدة. الآن وفي ظل غیاب النظریات الجدیدة، علینا الاستعانة بما لدینا من نظریات. لاینبغي ان نقف مكتوفي الأيدي وننتظر ظهور نظریات جدیدة. علینا الآن العمل علی توظيف التراث والاستعانة بما هو صالح للاستخدام في العصر الحالي وتحویله إلی علوم عبر الفلسفات المضافة وعبر الترابط الذي ینبغي ان یحصل بين العلم والفلسفة، فمن خلال ذلك یمكن تحویل الفلسفة إلی نظریات علمية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.