الثقافة الاسلامیۀ
موقع إسلامي وثقافي الثقافة الاسلامية

ندوة «الإسلام والتنمية»

0 446

لندوة أقيمت بحضور عدد من الأساتذة والأکاديميين المتخصصين في مجال التنمية والشؤؤن الاقتصادية، حیث ناقشت تطور مصطلح التنمية بشکل عام، وکذلك التنمية الإسلامية وکيفية تحقيقها. ومن أهم الأسئلة التي دار النقاش حولها هو: ماهي العلاقة بين التنمية والإسلام؟ وکذلك سؤال: أيهما أولى بالتقديم؛ التنمية أم العدالة؟ من أهم الآراء التي طرحت في هذه الندوة هي ان بعض الأساتذة يميلون إلی ضرورة صیاغة نظرية اسلامية جدیدة للتنمية والبعض الآخر يمیل إلی عدم تجاهل النظريات الغربية في هذا المجال بل الابقاء علیها مع ادخال تعدیلات علیها لتکون ملائمة لمنظومة العلوم الإسلامية.

 

__________________________

سبحاني: بسم الرحمن الرحيم. أرحب بضیوفنا الکرام في هذه الندوة، کما أرحب بالدکتور “رفيعي اتاني” وهو استاذ بکلية التتقدم في جامعة العلوم والصناعة الإیرانية، والدکتور “زریباف” الذي يرأس احدی المؤسسات الناشطة في مجال الاقتصاد الإسلامي. وکذلک أرحب بالأکاديمي، الاستاذ بکلية العلوم الاجتماعية في جامعة طهران، الدکتور موسايي.

بداية أقول صحیح ان التنمية مفهوم في متناول الید ومعناه مفهوم لدی الجميع، لکن حسب رأيي ان المفهوم في نفس الوقت یحمل دلالات ومعان أخری تحتاج إلی ایضاحات لمعرفتها.

برأيي لو قمنا بتوزیع أوراق علی مسؤولي البلاد من الذين عملوا في مجال التنمية وطلبنا منهم ان یکتبوا لنا المفاهيم التي تدور بأذهانهم عن التنمية، سوف نحصل علی مفاهيم مختلفة لأن کل شخص یمتلک رؤية خاصة للتنمية. إن هذا الاختلاف في تلقي المفاهيم يعود لأسباب مختلفة. هذا الاختلاف في التلقي بدوره أدی إلی حدوث العدید من الاشکالیات.

البعض یربط مفهوم التنمية بالمجالات المرتبطة بالبناء والاعمار، والبعض یعتبر المفهوم أحد المفاهيم الأساسية لمعالجة القضایا الاقتصادية. ثمة رأي یعتبر التنمية تعني زیادة الصادرات غیر النفطية، کما ان البعض –بقصد أو دون قصد- یری التنمية هي عبارة عن السیر علی نفس النهج والسیاسات التي سارت علیها الدول المتقدمة.

ثمة توجهات مختلفة وعدیدة حول قضية التنمية بشکل عام. یری الکثيرون بأن للتنمية وجوه ثقافية واقتصادية وسیاسية، وانا من الذين یحملون هذا التوجه. فلو قمنا بدراسة کل وجه من الوجوه المذکورة، یمکننا الحدیث عن قضية التقدم والتأخر وترتيب الأولويات وعملية ترتيب الأهداف التنموية.

من جهة ثانية، إن بعضا من خصوم الإسلام يأخذون على الإسلام أنه لم يساهم في تنمية الدول التي تقع في الجغرافية الإسلامية أو تعتبر نفسها اسلامية.

السؤال الرئيسي لندوتنا هذه هو ماهي التنمية؟ وماهي العلاقة بين التنمية وفقا للمنظور الإسلامي والتنمية بمعناها العام المتعارف علية؟ ارید التأکید مجددا ان مفاهيم التنمية اختلف من شخص لآخر. الدین ایضا یمتلک رؤية خاصة للقضایا والأمور خاصة في المجالات التي توجه له بعض الشبهات کتلک التي ترتبط بوجود أو عدم وجود تنمية في الأحکام الدينية أم لا. وعلیه اقترح ان تکون البداية من الحديث عن التلقيات والمفاهيم المختلفة للتنمية والعلاقة بين الإسلام والتنمية.

 

 

 

موسايي: بداية أشکر القائمين علی هذه الندوة لاستضافتي واعطائي الفرصة للمشارکة في هذه الندوة المخصصة لدراسة ومعالجة قضایا محورية وأساسية.

في البداية أود التأکید علی أننا یجب ان نتجاوز القضایا العالمة التي طرحت في الماضي حول الإسلام والتنمية، لأننا الیوم بحاجة إلی دراسات معمقة للتوصل إلی نتائج جدیدة. إذا کانت القضية الرئيسية هي العلاقة بین الإسلام والتنمية یمکن القول إن هذه العلاقة مرتبطة بتعاریفنا للإسلام من جهة والتنمية من جهة ثانية، کما أنها ترتبط بالأطر والمفاهيم التي نحددها لکلا المفهومين. النقطة المحورية في هذا المجال هي ان التنمية هي مفهوم اجتماعي تشیر إلی شيء أو حدث خارجي. بعبارة أخری، ان المعنی المشهور عن التنمية في عصرنا الحالي هو انها حدث تاريخي وتدريجي، لذا لایمکن تعریف هذا المفهوم دون تحدید وذکر مصادیق خارجية له. وهذا يعني اننا لایمکننا ان نقوم بتعریف التنمية متجاهلين مظاهر التقدم والتطور الذي یشهده العالم في العصر الراهن. من جهته، ییظل الإسلام امرا ذهنیا إذا لم نری تجلیاته في ثقافة خاصة یمکن مشاهدتها علی أرض الواقع. فإذا انطلقنا من هذه الرؤية، یمکننا ان نقول بأن لاتوجد علاقة بين التنمية والإسلام [إلا إذا تحول إلی ثقافة لها تجلیات خارجية]. إن مفهوم التنمية تکون في الغرب وکل دول العالم تعاملت معه بوصفه حقيقة واقعة، في حین الإسلام یظل مجرد مفهوم إلی ان یتحول إلی ثقافة سائدة في مجتمع ما. إذن الإسلام(کشريعة) هو مفهوم ذهني یمکن ان نتناوله في دراسة تبين مدی ملائمته أو عدم ملائمته للتنمية وما یرتبط بها من تعاریف ومصطلحات.

من جهة ثانية، ان مفهوم التنمية هو مفهوم عام لکن في نفس الوقت له مصادیق خارجية وهذا یعني انه توجد لهذا المفهوم دالات وتعاریف تاريخية وتجربية.إذا افترضنا التنمية والإسلام عبارة عن أطر عامة لایمکنهما ان يتحولان إلی ثقافة، عند ذلک لابد لنا من القيام بدراسات فلسفية لتبیین العلاقة بین هذین المفهومين. وعند ذلک یمکن ان تکون هذه العلاقة علاقة مشترکة أو متباينة، أو عموم وخصوص مطلق أو عموم وخصوص من وجه. إذن یمکننا ان نجد الأشکال المنطقية المختلفة في هذه العلاقة. ملخص ما ارید قوله هو اننا في البداية یجب ان نحدد ماذا نرید بالضبط. هل نحن نمتلک تعریف خاص للتنمية یختلف عن المفهوم المتعارف علیه عالمیا أم تعریفنا هو نفس المفهوم المتداول في کافة المجتمعات؟ وکذلک الأمر بالنسبة للإسلام. فلو کان تعریفنا للتنمية هو نفس التعریف العالمي لهذا المفهوم، وکذلک تعریفنا للإسلام بوصفه حقيقة تحولت إلی ثقافة خاصة، عند ذلک یمکننا القیام بداسة لتبيين العلاقة بينهما. لاشک ان هذه الأسئلة لها أجوبة مختلفة. إن علماء الاجتماع یرون بأن العلاقة بين الدين والتنمية(بمعناها الغربي) هي علاقة تباين، أي أنهم یرون بأن کافة الأدیان تتعارض مع التنمية بشکل عام، وهذا الاعتقاد ینطلق من عدة فرضیات قد طرحت سابقا ولازالت تطرح في یومنا هذا.

 

رفیعي: انا کذلك اری بأننا في البداية بحاجة لتحدید التعاريف والمفاهيم المرتبطة بالتنمية. مع الأسف النظرة السائدة عن التنمية هي نظرة مغلوطة. ینظر للتنمية کعملية حدثت في الدول الاجنبية وبالتالي انها اصبحت تجربة من تجارب الآخرین. في هذه الحالة، عندما نتحدث عن التنمية نکون قد تحدثا عن العصر الحديث في الغرب، فبناء علی هذا التصور تکون التنمية هي عبارة عن معرفة تتحدث عن الواقع المرتبط بالتلک الفترة. بطبيعة الحال هذا التعریف يکوّن تصورات اقتصادية في مخيلتنا(أي یجعلنا نرکز فقط علی الجانب الاقتصاد للتنمية). ثم اننا اذا تحدثنا عن التنمية الاقتصادية کأننا نتدحث عن جوهر التنمية وهویتها. الحقيقة هي ان العصر الحدیث في الغرب، والخطاب العلمي الغربي في هذه الحقبة الزمنية خلقت تصورات توحي بأن التنمية هي امر اقتصادي. المعارف التي ظهرت في هذه الفترة الزمنية وارتبطت بقضایا التنمية، ایضا کانت ذات محورية اقتصادية. إذن عندما یتم الحدیث عن الثقافة والتنمية، أو عندما تطرح ضرورة التنمية السیاسية، یتم الترکیز تلقائیا علی الجانب الاقتصادي لهذه القضایا. إن النظرة العقدية والعلمية السائدة ایضا متأثرة بهذه التوجهات، وهي نظرة ربما تکون ذات خلفيات محددة.  إن جوهر التنمية هو التغییر. أي اننا وککافة العلوم القياسية، یمکننا استنتاج وتوضيح مهمة شيئين بناء علی فروض اساسية تتعلق بالکون والإنسان. لأنه یبدو لي اننا وفي موضوع التنمية لابد لنا من تعریف قضيتين؛ الأولی هي التغيير والثانية هي المسار الذي یحصل فيه هذا التغییر.

إذن لو قام أحد بتغییر نظرية أو توجه خاص وانتقل إلی رؤية أخری، یکون قد قام بعملية التنمية، خاصة إذا کان قد حدد المسار الذي یرید التوصل الیه. ومعنی ذلک اننا ومن أجل تحقيق التنمية نحتاج إلی معرفة ادوات التغيير ثم علینا تحدید المسار الذي نرید السیر علیه. إن تحدید المسار یساعدنا علی معرفة النتيجة؛ سلبية کانت أم ايجابية، ممکنة أم بعيدة المنال.برأيي ان الحديث عن التنمية الإسلامية لایخرج عن دائرة هذه الأوجه الأربعة. أي ان الحدیث عن التنمية الإسلامية هو في الحقيقة حدیث عن تنمية المجتمعات الإسلامية، فمعالجة التنمية الإسلامية تقييم مدی تخلف وتطور المجتمعات الإسلامية. بعض الأحیان المقصود من  التنمية الإسلامية هو الأهداف التي لابد لنا من بلوغها. عندما نقول ان التنمية الإسلامية تهدف لتحقيق الأهداف الإسلامية، في الحقيقة نکون انطلقنا من منظار اسلامي لمتابعة عملية التنمية. بعض الأحيان المقصود من التنمية هم المنظرون والمفکرون في مجال التنمية والذين ینتمون إلی العالم الإسلامي.

الحالات الثلاثة التي ذکرناها آنفا، تنطلق من ثقافة محددة. فلو اخذنا هذه الوجوه بعين الاعتبار، یکون الإسلام في اذهاننا بمثابة ثقافة ننطلق منها لمعالجة القضایا. لاشک ان هذا الاسلام لیس خالصا، لأن القيم الإسلامية لم ترسخ بعد في ثقافة العالم الإسلامي…

أما الوجه الرابع الذي ینافس الوجوه الآنفة الذکر؛ هو اعتبار الإسلام مصدر للمعرفة وکشف الحقائق. فعندما نذکر الصفة الإسلامية نکون قد حددنا مصادر المعرفة؛ أي اننا نکون قد اعلنا بأننا نرید العودة للمصادر الإسلامية لنری ماذا تقول عن هذه الأمور.

اتصور اننا وعبر الانطلاق من هذه الوجوه یمکننا استخراج تصور اسلامي للتنمية، وان کانت نظرتنا لهذه العملية نظرة دونية(اي نعتبرها حدثا أو حقيقة واقعة). ارید الترکیز علی الوجه الآخر لأنه برأيي هو الوجه الأهم والأکثر تأثیرا. لاحظوا ان هناک حدثا قد حصل في الغرب، وهذا الحدث یمکن تناوله من عدة زوایا. أحدی هذه الزوایا هي المعارف الإسلامية. علی سبیل المثال الإمام الخميني(رض) اطلق علی امريکا عنوان الشيطان الأکبر في حین الجمیع کان یظن بأن امريکا تسیطر علی العالم وتتحکم به. التجربة اثبتت بأن الإمام الخميني کان یعرف حقيقة امريکا أکثر من أي شخص. انه رسم لنا صورة عن شيطنة امريکا ثم قام بتوضيح هذه الصورة. انه قام بالتخطيط لکل شيء یرتبط بأمريکا والعلاقات معها. لقد تبين لنا الیوم بأن کافة مواقف الإمام وقراراته تجاه امريکا کانت صائبة. إذن یمکننا من خلال العودة إلی الإسلام الصحيح، الحصول علی معارف جدیدة یمکن من خلالها توضيح النمو الغربي بطريقة أخری وجدیدة. ربما سیتبين لنا بأن ما يحصل في الغرب لایمکن اعتبار تنمية. اذن لابد لنا من تغيير طريقة تفکيرنا وکذلک طريقة تحلیل القضایا. ربما سوف نتمکن من تقديم تعاریف واشیاء جدیدة تتعلق بما حدث ويحدث حالیا في الغرب. ثم علینا ان نعمل بتحویل هذه المعارف الجدیدة إلی علوم خاصة لمعرفة المجتمعات الغربية. بالتالي سوف نتمکن من خلق رؤية جدیدة، یمکننا ان نظیف لها رؤی وافکار جدیدة.

انا أخالف الذين يعتقدون بأن المجتمعات الإسلامية لیس لدیها شيء تقدمه في مجال التنمية. ان مجتمعاتنا بدأت من نقطة ووصلت إلی نقطة محددة، وخلال ذلک مرت بمراحل ازدهار وتطور سریع وکما شهدت فترات انحطاط أو تحرک بطيء. هذا الأمر لایختص بمجتمعاتنا فقط. الأمر کذلک بالنسبة لتجارب المجتمعات الأخری. إذن نحن وخلال عمليات المقارنة بين الفترات التاريخية أو المجتمعات الأخری ستجد الكثير من الأشياء للحديث عنها. شخصیا اری بأن مکونات الحضارة الإسلامية أو الثقافة الإسلامية هي-إلی حد کبیر-  مکونات ذات جذور اسلامية، وهذا امر مهم بالنسبة لنا.{ربما الآخر الغربي یری بأن ثقافتنا لاترتبط کثیرا بالإسلام، لکنه في نفس الوقت یقسم العالم إلی قسمين؛ مجتمعات غربية ومجتمعات اسلامية. حضارة غربية وحضارة اسلامية.}

اننا نمتلک الکثیر من الأشیاء لخلق وصياغة نظريات وتکوين رؤی جدیدة. وهذا يعني اننا وکباقي العلوم القياسية، نستطیع صياغة نظريات جدیدة عبر الاعتماد علی التجارب البشرية في تاريخنا، وکذلک وفقا لقيمنا وأصولنا الثقافية والدينية علی سبیل القیاس. وخلال ذلک یمکننا الترکیز علی فهم التطورات الثقافية والاجتماعية لتحدید توجهاتنا وبالتالي صیاغة مخططات التنمية وفقا لهذه التوجهات والأهداف.

زریبافت: ردا علی السؤال المحوري الذي یدوره البحث حوله یمکن القول: یمکننا ان نعتبر الإسلام کحاجز امام عملية التنمية یمنع تحقيقها، کما یمکن اعتباره داعم أساسي لعملية التنمية يساهم في تحقيقها. من اجل تحدید فعالية الإسلام أم عدم فاعليته في عملية التنمية نحتاج إلی تبين العلاقة بين الإسلام والتنمية. عن أي اسلام نتحدث؟ وما المقصود من التنمية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة لابد لنا من الکشف ثم تبيين وتحلیل عن العلاقة بين التنمية والإسلام.

برأيي قبل ان نجيب عن هذه الأسئلة یجب علینا ان نطرح اسئلة أخری تعتبر مقدمة للدخول في بحث العلاقة بين التنمية والإسلام. علی سبیل المثال توجد تعاریف مختلفة للإسلام کشريعة. هناک قضایا مهمة حول العلاقة بين الإسلام وحاجات العصر، والعلاقة بین الإسلام والحکومة والمجتمع، وکذلک العلاقة والتطور الاجتماعي. ثمة اسئلة ترتبط بعلاقة الإسلام والعلم والمعرفة والعقلانية والحضارة و..الخ. هذه اسئلة هامة لابد من اخذها بعين الاعتبار. تطرح اسئلة أخری تتعلق بعلاقة الإسلام بالکفر. الإسلام لایعترف بولاية الکفار. علینا ان نتسائل الآن؛ هل نأخذ الأحکام الإسلام بعين الاعتبار عند اتخاذ القرارات أو صياغتها؟ ماذا عن انظمتنا السیاسية؟ هل تستند إلی الأحکام الإسلام في اتخاذ الخطوات؟ ماذا عن الأنظمة الاقتصادية والانظمة الثقافية؟ علی سبیل المثال، لو اردنا القيام بنشاط اقتصادي مع العالم الخارجي. ماهو الجهة الرسمية التي تسمح لنا(او تمنعنا) بمواصلة العمل بصورة لا تحصل فيها ولاية الکفار علینا کمسلمين؟ کيف يمکن لإدارتنا ان تسیر بصورة تجعلها بعیدة عن التبيعة للکفار؟ إذا کنا نؤمن بقاعدة نفي السبیل؛ علینا ان نجيب: أين تقع هذه القاعدة من اتخاذ قراراتنا او صیاغة القوانين؟ إذا کنا نؤمن بقاعدة لاضرر؛ علینا ان نبحث عنها في النظام البنکي للدول الإسلامية وان نجيب علی هذا السؤال: هل تلتزم البنوک الإسلامية بهذه القاعدة؟ وهناک العدید من الأسئلة التي لایمکننا سردها لضيق الوقت. أما السؤال الرئيسي الذي لابد من الاجابة علیه هو: ماهو الإسلام الذي نتحدث عنه نحن؟ کذلک الأمر بالنسبة للتنمية؛ هناک تعاریف مختلفة لمفهوم التنمية، لذا علینا ان نحدد ماهو المقصود من التنمية. هل المقصود بالتنمية هو التقدم التقني؟ هل نعترف بالتعاريف المتعارف علیها عالميا؟ أن إذا حققنا تقدما في مجال الصحة هل یمکن ان نقول أن التنمية الصحية تحققت في بلادنا؟ هذه اسئلة مشروعة یجب الإجابة علیها.

برأيي لابد لنا من اجراء اربعة انواع دراسات لکي نتوصل إلی اجابات مقنعة عن الأسئلة السابقة. الدراسة الولی ترتبط بالمفاهيم المختلفة للتنمية وکذلک المفاهيم والمتعاریف المختلفة للإسلام. ماهي الظروف والمراحل مر بها الإسلام في العصور الأولی؟ ثم ماهي الأحکام الاقتصادية الإسلامية التي تم تحدیدها بعد إقامة أول حکومة اسلامية؟ کیف تعامل النبي الکريم(ص) مع ظاهرة الربا؟ ماهي مصاديق الربا في عصرنا الحالي؟ إذن هذه الدراسة هي دراسة تاريخية.

الدراسة الثانية هي دراسة تحلیلة. تحلیل العلاقات بين کافة التوجهات المرتبطة بالتنمية وانواعها لتبيين المقاصد من التنمية في کل توجه. في هذه الدراسة یجب علینا ان نوضح هل النظرة الإسلامية نظرة خارجية أم انها نظرة لاتهتم بالأمور الخارجية وتهتم بالذات فحسب؟ إذا کانت نظرة خارجية؛ علینا ان نجیب: ماهي نظرة الإسلام للإنسان والمجتمع والتطور والتقدم؟ هل الإسلام يهتم بتنمية الادوات والوسائل أم الرکيزة هي التنمية الذاتية؟ الإمام علي بن ابي طالب(ع) یقول: «فان فی العبد سعة»؛ أي سعة هذه؟ هل المقصود هو التنمية في المعنی المتعارف في العصر الراهن أم المقصود هو تنمية الذات؟ ماهي تنمية الذات؟ ان تنمية الذات تعني النمو المتوازن، أو ان جزء من المجتمع ينمو نموا ماديا لکنه في نفس الوقت لایتنازل عن القيم الاخلاقية، بل هي الأخری تنمو مع النمو المادي للأفراد. هل هذه التنمية هي التي نعبر عنها بالتنمية الإسلامية؟ في هذه الدراسة تطرح العدید من القضایا الشائکة. من اهتمامات هذه الدراسة هو دراسة العلاقة بين القيم الدينية الثابتة والأفکار المتغیرة. قبل ان نجیب علی هذه الأسئلة لایمکننا ان نتحدث عن التنمية الإسلامية. ان هذه الدراسة تحدد کيفية فهمنا للمفاهيم. خلال هذه الدراسة تتم عملية إعادة صياغة المفاهيم.

في القسم الذي یرتبط بالمنهج تعد قضية التأطير الديني من القضایا الهامة والأساسية. لنفترض ان التنمية تشتمل علی مقولتين واطارين. ماهي نظرتنا الإسلامية لهذه المقولات؟ هل الإسلام يوصينا السير علی نهج الآخرين والاستعانة بتجاربهم أو يأمرنا بالعودة إلی الأحکام الفقهية واستخراج القواعد منها؟ أم یطالبنا بالعودة إلی آراء الفلاسفة والمفکرين مع الاهتمام بحاجات المجتمع ومطالبه؟ ثمة رأي یقول إن نظرة الإسلام للظواهر الاجتماعية هي نظرة تتسم بالحقانية الواقعية. ماهي هذه النظرة الحقانية الواقعية؟ هذه القضایا ومثلها ترتبط بقضية المناهج. إذا لم نقم بذلک لایمکننا ان نقوم بمعالجة قضية التنمية بصورة تساعدنا علی التغییر والتقدم.

القسم الثالث من الدراسات(وهو قسم ذات اهمية کبيرة ویعد ضرورة ملحة) هو الدراسة المقارنة. یجب علینا ان نبحث عن مقارنة الأفکار الإسلامية بالأفکار السائدة في العالم بهدف التمکن من تطبيق هذه الأفکار علی ارض الواقع.

برأيي هذه هي القضایا التي لابد من الاهتمام بها کمقدمة للدخول في موضوع دراسة العلاقة بين الإسلام والتنمية. لقد تبين بأننا بحاجة إلی دراسات مقارنة. مهما یکن ان أي تطور وتقدم نحققه في مجتماعتنا الإسلامية یحتاج في نهاية الأمر إلی التکيف مع العالم ومتطلبات العصر. لذا لایمکننا ان نجزم بأننا لانحتاج إلی الأدوات الحديثة. حتی إذا لم نکن بحاجة لها ولانهتم بها، هي التي تهتم بنا، أي هي التي ستفرض نفسها علینا. إن النظام الدولي  یتمتع باقتضاءات تفرض نفسها علی الجمیع شئنا ام ابینا. انها تفرض نفسها في المجالات السیاسية والثقافية. وهذا يعني ان المجتمع يجب ان یحصل علی درجة النجاح في الاختبار السیاسي والاقتصادي والسیاسي والعلمي والتعليمي. لذا لانستطیع ان نزعم بأننا تطورنا وتقدمنا إلی الأمام في حین اننا نعاني من ازمات اخلاقية! التقدم في مجال اجتماعي خاص دون المجالات الأخری لایسمی تنمية/ تقدم وتطور.

زورق: إن کلمة« development» تارة تعني التنمية الاقتصادية، وتارة أخری تعني النمو والتقدم. یبدو ان نوعية ترجمة هذه الکلمة أثرت علی الرؤية العامة لهذه الکلمة أو المصطلح. في حقيقة الامر نحن لم تهتم بکافة المفاهيم والدلالات المستخرجة من هذا المصطلح. إن development تعني ایضا النمو والتطور(إلی جانب التنمية) بالنسبة لمتحدثي الإنجليزية الأصليين، لکن بالنسبة للآخرین(کالمتلقي الإیراني) لیس بالضرورة یفهم منها معنی النمو. لذا لو اخذنا باقي دلالت المفهوم بعین الاعتبار ورکزنا علی معنی النمو لتبین لنا بأن التنمية تعني ازدهار المواهب الذاتية.  

إن النمو في أصل معناه يعني ازدهار المواهب الذاتية. الموهبة الذاتية بالنسبة للحبة هو ان تنمو إلی ان تصبح شجرة. لو زرعت هذه الشجرة في ارض خصبة سوف تنمو بسرعة وتصبح في نهاية المطاف شجرة کاملة، وبعد ان اصبحت شجرة کاملة تزهر وبذلک تکون قد بلغت مرحلة الازدهار. للطفل ایضا مواهب ذاتية وهي انه ینمو جسميا وعقلیا إلی ان صبح انسانا کاملا.

إذا اعتبرنا مصطلح « development» يدل علی النمو والازدهار، عند ذلک یحدث تحولا کبیرا في رؤيتنا تجاه علملية التنمية، لکن هذا المصطلح تُرجم اول مرة علی انه یدل علی التنمية. لو اتفقنا علی معنی الازدهار کمعادل لمصلح « development»، سوف نجد اجابات مقنعة للعید من الأسئلة. یمکننا عند ذلک ان نقول : ازدهار فردي، ازدهار اجتماعي، ازدهار معنوي، وازدهار مادي، و..الخ. النقية الأخری هي العلاقة بين المکتب المادي والتنمية المادي. من الطبيعي ان الإنسان المادي یزدهر من الجانب المادي، ومواهبه الذاتية تزدهر في المجالات المادية؛ فهذا الإنسان یرضي ویلبي رغباته وروحه عبر الأشیاء المادية. المناهج العلمانية في الغرب تعمل علی ابقاء الإنسان الغربي مسلطا الضوء علی الماديات، وبذلک تمکنت من ایجاد حلول للقضایا المادية في المجتمعات الغربية. لکن ماذا کانت النتيجة أو ما کان ثمن ذلک؟ إن الترکيز علی الجانب المادي أدی إلی ضیاع المعنی الحقيقي للحياة بالنسبة للإنسان الغربي.

إن الإنسان الغربي یتمتع بالخدمات الاجتماعية کالصحية والسکن والتأمين والتعليم، لکنه مع ذلک لم يفهم فلسفة الحياة بشکل صحيح. لو عدنا بحثنا في التأریخ وعدنا إلی الألف عام الماضية، لرأینا کیف کان الإنسان الغربي غارق في الجهل والفقر والبؤس، وفي المقابل کیف کان العالم الإسلامي مزدهر في کافة المجالات. إن النظر للغرب الذي یمتلکها البعض في عصرنا الراعن، کان یمتلکها الإنسان الغرب آنذاک نحو الشرق. یذکر “نيکولسکي” في کتابه المعنون«تاریخ الریاضیات»، کانت المعادلات الرياضية تُحل في العالم الإسلامي کان ويت في فرنسا-وبعد مرور 300 عام- يسأل عن معنی العدد السالب!( العدد السالب في الرياضيات، هو عدد حقيقي أصغر من الصفر.) کان یتساءل: العدد السالب يعني اقل من الصفر. الصفر هو يعني لاشيء. هل یمکن ان یوجد لدينا شيء يکون أقل من اللاشيء؟! هذا العالم الفرنسي کان عاجزا عن فهم مفهوم العدد السالب.، في حين کانت هذه القضية واضحة في علم الرياضات في الشرق. في متحف لندن عرضت قطعة قماس یعود تاريخها إلی اربعة الآف عام. لو اراد الشخص یری خيوط هذا القماش کان لابد له من استخدام عدسات مکبرة. علی ماذا یدل هذا؟ ان هذا ان دل علی شيء فانما يدل ان المصريين قبل اربعة آلاف عام کانوا یمتلکون تقنية للحياکة بخيوط غير مرئية. وهناک العديد من الأمثلة التي تؤکد لنا ان التنمية لیست مفهوما غربیا. 

الصين بکامل هيبتها، ومصر بکامل عظمتها والحضارة الإسلامية بکل مجدها وعظمتها، کلها تؤکد لنا بأن التنمية لیست امرا غربیا، بل هي ضرورة من ضروريات کافة المجتمعات البشرية. التقنية کانت دائما موجودة لکن نوعيتها تغیرت بمرور الزمن.

إذا اعتبرنا الدين اداة تساهم في ازدهار المواهب الذاتية للإنسان؛ عند ذلک لایوجد أي تناقض بين الدين(الإسلامي) والازدهار. الحقيقة هي کذلک؛ ان غاية الدين الإسلامي(الأصيل)  العمل علی کشف المواهب الذاتية للإنسان ثم مساعدتها علی الازدهار. إذن لاینبغي ان تخدعنا مفاهيم الحضارة الغربية وان نتخيل بأن الحضارة هي عملية غربية والتنمية هي عبارة عن حدث تاريخي قد تحقق سابقا في الغرب.

في الحقيقة ان جذور الثورة الصناعية واستحداث الآلات في شبه الجزیرة الایبيرية، تعود إلی العصر الإسلامي. تؤکد الوثائق التاريخية، ان في الألفية الأولی، لم تکن في الجزيرة البريطانية دولة بالمعنی المعروف.، حیث کان یقطنها مجموعات من القبائل. لقد ورد في کتاب” Industrial Revelotion In Bretain” ان المعرفة دخلت هذه الجزيرة من الاندلس، وهذه المعرفة هي التي أحدثت الثورة الصناعية، کما ان الید العاملة المتقدمة نقلت من المانيا إلی بريطانیا. ان رأس المال اللازم لهذه العمل توفر بواسطة کاستیل و آراجون.

إن التصور القائل بأن التنمية هي عبارة عن معجزة حدثت في الغرب بصورة مفاجئة، هو تصور مغلوط وخیال شعري، لأنه لیس حقيقة تاريخية. ثم ان الرأي السائد في الغرب والذي یؤکد علی وجود تقاطع بين الدين والتنمية هو رأي لیس له أي قيمة علمية. ویربط ماکس فيبر في کتابه “الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية”( يتحدث فيه عن ان كيف ان الأخلاق البروتستانتية ساعدت إلى تكوين الرأسمالية الجديدة وأن البروتستانت أغنى من الكاثوليك)، یربط بين المذهب والتنمية، ویقول: في اوروبا اینما وجد المذهب تحققت التنمية بنسبة کبیرة. الجدیر بالذکر انه في بریطانیا الدين حکومي والملکة علی رأس الکنيسة، لکن الثورة الصناعية حدث في هذا البلد.

نحن لانرید ان نرفض بعض الحقائق. ان الدول الغربية تمتلک قسم کبیر من اجمالي الانتاج العالمي بالرغم من ان نسبة سکانها تشکل ما بین 15 إلی 20 بالمئة من مجمل سکان العالم.

نحن قبل کل شيء بحاجة إلی دراسة العلاقة بين الإنسان والحضارة والثقافة والتنمية. ان فطرة الإنسان تمیل نحو الصفات الإلهية أي امتلاک القوة والعلم والجمال والعدالة والابداع. ونظرا لتأثیر هذه الصفات في بناء الحضارة وتأثیرها علی التوجهات في کافة المجالات کالتنمية التقنية، یعد الابداع نوع من المواهب الفطرية للإنسان تحت عنوان الجنوح نحو الابداع المطلق. إذا حصل الازدهار في إطار اسلامي، سیؤدي إلی نمو المجتمع مادیا ومعنویا.

المشکلة الأساسية تمکن في ابتعاد المسلمين عن الإسلام الصحيح بعد وفاة النبي(ص) وانتهاء عصر الإمامة، أي في داية عصر الخلافة والسلطنة، لذا لایمکن الحکم بشکل نهايي علی الإسلام في مجال التنمية. إن ما یصدر من أقوال حول وجود تناقض بين الإسلام والتنمية ماهو إلا أحکام وادعاءات غیر صحيحة، لأن التنمية المادية والمعنوية والتي تعني ازدهار المواهب الذاتية قد تحققت بشکل کامل في عهد النبي الکريم. ان ذلک العصر هو عصر حکومة الإمام المهدي(عج)؛ فحکومة الإمام ستحقق التنمية المادية والمعنوية کما تحققت في عهد النبي(ص). 

سبحانی: الدکتور موسايي یؤکد بأننا وعند الحديث عن العلاقة بين الإسلام سوف نذکر وجوه مختلفة ومتعددة الجوانب. يزعم البعض بأن الدول الإسلامية تختلفت بسبب تمسکها بالدين الإسلامي. برأيکم ماهو السبب الذي دفع هذه الاطراف لاطلاق هکذا ادعاءات؟

موسائي: بداية ارید ان اعلق علی ما تفضل به الأخوة. قيل ان اننا لو فسرنا مصطلح « development» علی انه النمو ولیس التنمية، لکانت النتيجة مختلفة. برأيي  لایوجد أي فرق بين المعنی الأول والثاني. ان اختلاف المصطلحات لاغیر من حقيقة التنمية کونها عملية وحقيقة تقع بالفعل. لانحتاج إلی استخراج المعنی الفلسفي للمصطلح إذا کنا نقصد معالجة قضية التنمية بوصفها حقيقة خارجية. برأيي أفضل مفردة یمکن استخدامها کمعادل للمصطلح الاجنبي هي مفردة النمو التي ذکرت في القرآن وتدل علی الازدهار کما وکيفا. إذن لاتوجد أهمية للمباحث اللغوية في مجال التنمية.

لکن بالنسبة لسؤالکم یمکن القول: إن حقيقة الأمر هي ان عدد المسلمين حول العالم تبلغ حوالي 25 بالمئة من مجمل سکان العالم، لکن حصة هؤلاء من الناتج المحلي الإجمالي العالمي هو10 بالمئة. وهذا یعني ان سکان العالم من غیر المسلمين ونسبتهم 75 بالمئة؛ یمتلکون 90 بالمئة من الناتج القومي الإجمالي (GNP).

إذا قمنا بتحدید عناصر عملية التنمية، عند ذلک سوف یتضح لنا ان تنمية العلم والتقنية هما عنصران اساسیان في تحدید معنی التنمية. إذا ادرنا ان ننظر للتنمية من هذا المنظار، يتبين لنا بأن حصة المسلمين في هذا المجال لیست شيء یذکر. قد یتحدث البعض مؤخرا عن تقدم إیران في مجال الانتاج.. مهما یکن ان نشر مقالات ISI (قاعدة بيانات المجلات والأبحاث العلمية) لايعني ان انتاج العلم يؤثر علی زيادة الانتاج. ان زیادة النتاج تحتاج إلی عملية قد تستغرق وقتا طویلا. الحقيقة ان نسبة الانتاج في الدول الإسلامية قلقية اذا ما قورنت بالدول الغربية. هناک اجوبة کثیرة تتعلق بأسباب انخفاض حجم الانتاج في الدول الإسلامية أو تخلفها. بعض تلک الاجوبة هي تلک التي صدرت عن علماء الاجتماع في الغرب. انهم یزعمون بأم الدين هو السبب الرئيسي في تخلف هذه الدول. أي ان الدين لایمکنه ان يققذ هذه الدول من الظروف التي تمر بها حالیا. فهؤلاء يؤکدون بأن الدين هو الذي يعيق حرکة التنمية. یذکرون ادلة عدیدة لاثبات ادعاءاتهم. إن خلاصة آراء هؤلاء حول التنمية هي ان التنمية هي عبارة تحول التغيير والتطور من حالة إلی أخری. انهم يقولون ان الدين استولی علی کافة جوانب حیاتکم لذا لایسمح لکم بالتغییر. إذن أحد الأجوبة هو ان الدین هو السبب في تخلف الدول. الحقيقة ان هذه الادعاءات غیر صحيحة، لأن أحکام الدين الإسلامي مختلفة فمنها الثابتة ومنها المتغیرة. لذا ان ادعاءات هؤلاء تعتبر افتراءات واتهامات للإسلام، ولابد لنا من الرد علیها.

ثمة دراسات اجتماعية اجريت في الغرب لتبيين أسباب تقدم الغرب من جهة وتخلف الشرق من جهة أخری. علی سبیل المثال، ان دراسة قام بها “کاظم علمداري” تؤکد ان الدين اذا کانت تقوده الحکومات سوف یؤثر سلبا علی مسار التنمية. انه یری ان المزج بين الدين والسیاسية یشکل حاجزا امام عملية التنمية. الحقيقة ثمة ادلة تنفد هذا الاعداء. إن التأريخ الاسلامي شهد فترات ازدهار في زمن کان الدين حکوميا. إن الحضارة الإسلامية شهدت ازدهارا کبیرا في مجال العلم في زمن المأمون. إذن مزج الدين بالسياسة لایؤدي إلی التخلف. الحقيقة هي ان الدين ومنذ بداية الظهور کان ممزوجا بالسیاسة. لایهمنا هل کان ذلک ضرورة اجتماعية أم کان أحد القضایا التي أمر بها الإسلام. في تلک الفترة شهد الإسلام ازدهار في مجالات متعددة.

إن البرفوسور “کوران” وفي مقالته التي خصصها لدراسة أسباب تخلف المسلمين وعدم تحقق التنمية في الدول الإلامية(الدراسة خصصت لدراسة الاقطار الإسلامية في زمن الامبراطورية الإسلامية)؛ يؤکد علی ان السبب الرئيسي في تخلف المسلمين وعدم تحقق التنمية في العالم الإسلامي، هو فقدان الحريات الاجتماعية والفکرية في المجتمعات الإسلامية. برأيي ان هذا القول صائب وصحيح تمام.  عندما ابتعدنا عن المعرفة والتعقل وانتاج العلم، دخلنا في مرحلة الانحطاط والتخلف. أي عندما قللنا من شأن العقل واخذنا نرکز علی الموروث. مع الأسف الشدید نشهد بعض الأحیان طغیان الفکر الذي یؤکد علی ضرورة عدم الاهتمام بمال الدنیا، وان الدنیا لاتدوم لأحد أدی بنا إلی عدم الاهتمام بالتنمية. صحيح توجد لدینا أفکار اسلامية تدل علی ان الحیاة الدنیا لاتستحق تحمل العناء والمشقات وماهي إلا دار فناء، لکن هذا لایمکن ان یبرر لنا توجیه التهم للإسلام. الإسلام بريء عن التهم التي توجه لها والتي تؤکد بأنه سبب تخلف المسلمين.

إن العالم الإسلامي یتکون من ثقافات واعراق مختلفة. ان لکافة الشعوب الإسلامية تاریخ مختلف، وجغرافية مختلفة، وتقالید وسلوکیات اجتماعية مختلفة. لاشک ان هناک مشترکات تجمع الشعوب الإسلامية، لکن إذا اردنا ان نبحث عن اسباب هذا التخلف لابد لنا من القيام بدراسات منفصلة؛ أي یجب القيام بدراسة اسباب تخلف کلبلد بعیدا عن البلدان الأخری.

ان ذلک یساعدنا علی معرفة الاشکالیات والأسباب التي أدت إلی التخلف وعدم تحقيق التنمية في البلدان الإسلامية. إن توجیه التهم للإسلام واعتبار الأحکام الإسلامية بأنها السبب الأساسي في تخلفنا، امر یفتقد للمصداقية العلمية.

في الختام إذا اردت ان اجیب باختصار علی السؤال المطروح، أقول إن سلوکیات المسلمین وطريقة تفکيرهم، وعجز العلماء المسلمين علی القيام بالأدوار، إلی جانب اجراءات الحکام وخطوراتهم هي الأسباب الرئيسية في تخلف المجتمعات الإسلامية. لابد من معالجة هذه الأسباب بالتفصیل وبشکل دقيق لتبیین کيفية تأثیرها –سلبا- علی مسار التنمية في الدول الإسلامية.

بهشتي پور: شخصیا أفضل الترکیز علی مواضيع توصلنا إلی تعریف محدد ومشترک للتنمية. ثمة معان مختلفة تفهم من مصطلح التنمية، وعلیه إذا اتفقنا علی دلالة محددة للمصطلح عند ذلک نتمکن من الحديث عن مؤشرات التنمية بسهولة. ارید ان اذکر اربعة خصائص تتمیز بها التنمية، وهي خصائص ذکرت في کتب التنمية.

-التنمية هي عبارة عن حدوث نقلة أو طفرة في الانتاج.

-التنمية عبارة عن تحسین فاعلية نظام توزيع السلع والخدمات.

-التنمية هي توزيع الثروة والمال بشکل عادل بين أفراد المجتمع الواحد

-تحقيق الأرباح من الرأس المال وعملية الانتاج.

فکل مجتمع یتمیز بالمیزات المذکورة أعلاه، هو مجتمع تحققت فيه التنمية. برأيي التعاریف التي ذکرت آنفا هي تعاریف مفهومة للجميع، لکننا ومن أجل معالجة التنمية یجب علینا ان نحدد-اولا- ماهو تعریفنا للتنمية، ثم ماهي خصائصها، ثم نقوم بالبحث عن العلاقة بين الإسلام وبين التنمية بوصفها ظاهرة ذات دلالات خارجية.

سبحاني: برأيي هذه الخصائص التي ذکرها سماحة الدکتور هي خصائص مهمة یجب اخذها بعین الاعتبار -إلی جانب خصائص اخری- لتحدید مفهوم التنمية.

فهیمي فر: لو قمنا بمعالجة موضوع العلاقة بين التنمية والإسلام واجبنا علی هذا السؤال: “لماذا لم تشهد الدول الإسلامية تنمية بالمعنی المعروف؟” سیتضح لنا المفهوم المراد من الإسلام. ثمة تلقي خاص عن الإسلام وبشکل عام الشريعة. إن الدين وبشکل خاص الإسلام هو عبارة عن مجموعة من المعتقدات والسلوکيات التي ترید اعلاء القيم الاخلاقية. فالدين یضم کل ماهو اخلاقي. إن جذور هذا الفکر شبيهة بأفکار بعض الفلاسفة ککونت وغیره من الفلاسفة والمفکرين. في الحقيقة الغاية الأساسية التي یرید الدين تحقيقها هي غاية اخلاقية، فمن عمل صالحا سوف یرتقي بأخلاقه. في الديانة المسيحة ایضا کذلک. في التعاليم المسيحية(الکنيسة الکاثوليکية) لاتجتمع الماديات بالمعنويات. ان الديانة المسيحية لاتوصي بالجانب المادي للتنمية، بل علی العکس من ذلک، انها توصي بالبعد الروحاني فالفاضل هو الذي یهتم بالروحانيات.

يؤکد الشهید مطهري في أحد کتبه ان الآیات القرآنية التي تتحدث عن الطبيعة أکثر من الآیات التي تتحدث عن القضایا الغيبية. وهذا يعني ان الإسلام دنيوي وأخروي، فالعلاقة بين الدنيا و الاخرة امتداد طولي لا عرضي. ان هناک فاصلة کبیرة بين الإسلام والعالم في فقه أهل السنة، وسبب ذلک هو التأثر بالتعاليم المسيحية.

ما اعنيه من اهل السنة هو رؤية العلماء والخطباء(من أهل السنة) ونظرياتهم مبنية علی هذا التوجه؛ أي لاتوجد علاقة بين الدنیا والدین، فالمهم هو التنمية الاخلاقية. ثمة توجه آخر لدی اهل السنة مبني علی قوله تعالی:{تبیان لکل شی ء}. أي ان الإسلام قادر علی معالجة کافة القضایا الکونية، فالإسلام یمکنه ان یساعد الإنسان علی تحدید تصرفاته في کافة المجالات. خلاصة هذا التوجه هو ان المجتمع یمکنه الاستعانة بالدين لاستخراج منهج الحياة؛ منهج یضمن للإنسان الدنیا والآخرة. طالما لم تکون لدينا فکرة واضحة عن الإسلام، لایمکننا ان نقوم باطلاق الأحکام علی هذا الدين والکشف عن تمکنه أو عدم تمکنه من صناعة الحضارة وقادر علی تحقيق التنمية أم لا.

الملفت ان کتاب”الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية” لماکس فيبر یؤکد بأن التغيير في المجتمعات الغربية لم يحصل إلی بعد ان تغيرت القراءات عن المسيحية في إطار البروتستانتية. ویريالول ایضا ان الربط بين العقلانية والمعنوية المسيحية أدی إلی تنمية الغرب. الکتاب في هذا الکتب یتطرق إلی قضایا جغرافية. یقول: لو انتقلنا من الدول الکاثولوکية إلی الدول البروتستانتية نلاحظ وجود تغييرات في مسار التقدم التطور، فتقدم الدول البروتستانتية مصحوب بالفن والعلم والتقدم الاقتصادي، لکن الأمر یختلف بالنسبة للدول الکاثولوکية(العلم والتقدم الاقتصادي نسبته اقل في هذه الدول)، فزیادة عدد الكاثوليك يعني ازدهار العلم والتقدم وفي مناطق تواجد هؤلاء التنمية أوسع. لماذا؟ لأن جوهر المسيحية الکاثولوکيکية لاينحصر في العالم.

إن ما اشرت إلیه خلال حديثي عن خطاب اهل السنة هو قضية الاخبارية. ان هذا التصور واضح ایضا الخطاب الصادر عن مفکري اهل السنة.

ثمة تصور يؤکد علی ان الدين لیس لها علاقة بالتقنية والصيرفة والاقتصاد والفن والاعمار وعلم الاجتماع. عندما لم يعجز المجتمع عن استخراج منهجه من الإسلام، یضطر للعودة إلی المنهج الغربي والاستعانة به لتنظيم برامج التنمية. لکن المنهج الغربي یختلف عن نمط الحياة الإسلامية الأمر الذي يؤدي إلی اصطدام في الرؤی والأفکار.

الغربيون يکيلون التهم جزافا ضد الإسلام ویؤکدون بأن الإسلام هو من يمنع تحقق التنمية الاجتماعية. ان هذه الأحکام تعتمد علی معرفة هؤلاء بفقه اهل السنة، لأن قراءة اهل السنة للاسلام تختلف عن قراء الشيعة. إن الشيعة ومنذ ان وجدت الفلسفة اتجهت اتجاها عقليا. لقد اشار الشهيد مطهري إلی عدم هذه الحقيقة عبر ذکر امثصلة تتعلق بالعقلانية اليعية. ان هذا يدل علی ان المجتمع اذا اردا یمکنه ان يتقدم عیر الاستعانة بالإسلام الصحیح.

ثمة آيات قرآنية متعددة الأبعاد؛ ففيها البعد الکلامي وفيها البعد الفقهي وفيها العقلاني ایضا. في البعد الکلامي تدخل آیات کهذه الآية الکريمة: { کل یوم هو فی الشان}. أما البعد الفقهي کقوله تعالی: { کتب علیکم الصیام }. في البعد الاخلاقي قوله تعالی: { ولا تمش في الأرض مرحا}. هذا هو القرآن. لایمکنه صناعة التنمية. لکن مجموعة التعاليم والواردة في القرآن اذا تحولت إلی ثقافة وتطرح بصورة ایدولوجية یمکنها ان تساهم في عملية التنمية.

إن التحول إلی ثقافة یعني ایجاد جسر بين الإسلام والقفضایا اليومية. ان الآلية التي تقوم بهذا الدور هي الفلسفة المضافة. ان هناک مجالات استغلالها لتحويل القضایا الدينية إلی علم. الجدیر بالذکر ان اول مکاتب ظهرت في الإسلامية، هي المکاتب الإلهية في بداية القرن الثاني الهجري. ثم انها تحولت إلی مکاتب فلسفية في القرن الثالث. في هذه المرحلة ظهرا الفلاسفة(الذين ینتمون إلی هذه المکاتب). بعد هذه الفترة اصبحت لدینا مجموعات ضخمة من العلوم. في کافة المجالات؛ فأصبح عندنا علم الریاضیات والفیزیا والکيمياء والجغرافیا والنجوم و..الخ. فهذه قضایا طرحها الإسلام نفسها. ان هذه القضایا وعبر المرور بمراحل مختلفة إلی علوم. ان الإسلام جعل هذه العلوم ذات اطار وتوجه محدد، لأن جوهر العم هو التغییر. أما التوجه الذي یسیر علیه هذا التغییر یجب أن یؤخذ من القرآن.

نحن في العالم الإسلامي نعاني من عدم التمکن علی الانتقال من التنظير إلی التطبيق، أي عدم التمکن من تحویل الأفکار التي نمتلکها إلی علم قائم بذاته. إن آلية هذا التحويل هو الفلسفة والفلسفة المضافة أي الفلسفة التحليلية.

سبحاني: البروفوسور کوران في المقالة التي ذکره الأخوة، یشير إلی ضرورة الاهتمام بالفرق بين الإسلام والمسلمين. في عام 2010 نشر کتاب تحت عنوان: “الإسلام وسبل التنمية الاقتصادية الاجتماعية”، لکل من عباس میرآخور و حسین عسکري. الکتاب يقدم رؤية اسلامية جیدة للتنمية. انها رؤية استخرجت من القرآن الکريم. الکتاب وفي الختمة یؤکد علی وجود فرق بين الإسلام الصحيح وسلوکيات اتباع الدين الإسلامي، مؤکدا ضرورة تجنب اطلاق الأحکام علی الإسلام بناء علی سلوکيات المسلمين وقراراتهم. وهذا ما أکد علیه السید جمال الدين أسد ابادي حین قال: الاسلام شیء و المسلم شیء آخر. ثم ان الإسلام شهد ازدهار في فترات زمنية مختلفة وفي عدة مجالات لکن هذا الازدهار لایدخل في اطار التنمية بالمعنی المعتارف علیه في العصر الراهن. التقدم والازدهار الإسلامي کانت له تاثیرات لکن يوجد فرق بين هذه التأثیرات وبين الظروف التي تسود في زمن تحقق التنمية حيث يشعر الأفراد بأنها تؤثر بشکا ایجابي علی حیاتهم 

موسائي: الأهم من کل ذلک هو امکانية تحويل هذه العلوم إلی فنون أو امتلاک القدرة علی القيام بذلک، الأمر الذي لم یحصل بعد حتی نستطیع القول إن الظروف المادية للمسلمين شهدت تنمية مستدامة علی مر التاريخ. الحقيقة انها(الظروف الخاصة بالمسلمين) شهدت تنمية لکن هذه التنمية لم تکن بالمعنی المتعارف علیه في الوقت الراهن.

سبحاني: يقال ان هناک فرق بين الإسلام وبين سلوکيات اتباع الإسلام. برأيکم ماهو الحل الذي یجب ان یتمسک به اتباع الدين الإسلامي للعثور علی نموذج تنموي قادر علی تلبية احیتجاتهم؟ وکيف للمسلمين ان یعملوا لکي یکونوا قد التزموا بالإسلام الصحيح؟

رفیعي: سأرد علی اسئلتکم عبر الإشارة إلی ثلاثة نقاط. الأولی هي اننا اردنا ان نتحدث عن الظروف الحالية التي نعیشها الیوم. الجدیر بالذکر ان الإسلام وفي کافة العصور کان ولازال عبارة مجموعة أفکار وقيم ترید اخراج الإنسان من مرحلة الانحطاط وهدايته إلی النور عبر اجراءات محددة. هناک عدة حقائق لو رکزنا علیها یمکننا ان نجد مخرجا يوصلنا إلی مانرید. الغرب رکز علی الجانب الاقتصادي للحياة، أي انه لایرید شيء سوی تحقيق الأهداف الاقتصادية. لکن في الإسلام الترکيز والاهتمام يقع علی کل شيء. فکل َيء ذات علاقة وصلة بالأشیاء الأخري. نحن نرید الحصول علی کل شيء في آن واحد. الإسلام لم یسمح للمسلمين معالجة القضایا بشکل بسیط.

الثانية هي ان المجتمعات الإسلامية تتعامل مع الدين بالصورة التي تعامل بها النفط.

 

 

عندما نحصل علی النفط وعوائده نفکر بعدم مارسة العمل بعد ذلک، لأننا نتصور ان النفط یلبي حاجاتنا. نظرتنا للدين ایضا کذلک. نتصور ان الله تبارک وتعالی انزل علینا القرآن وقال کل شيء لذلک نحن لانحتاج لاعمال الفکر، لأن کل شيء جاهز. المشکلة الأساسية تکمن في عدم تکون رؤية عقلانية شاملة في العالم الإسلامي. الأسباب عدة منها وجود الثروات النفطية. لذلک اذا سألت أحدهم سوف يأتي لک بالعدید من الروایات والوثائق الدينية ليثبت لک بأنها قادرة عیل تنظيم حیاته وطريقة تفکيره هذه. 

الحقيقة هي ان العقلانية اللإسلامية لم تتکون لکي نتوقع تحقق التنمية العقلانية. نحن وبالرغم من امتلاکنا فلسفة اسلامية عظيمة لم تؤثر علی حیاتنا اليومية؛ أي لم نوظفها لکي ننتفع بها. إن الثورة الإسلامية في إيران وقائدها الإمام الخميني(رض) قاما بتأدية الأدوار کما ينبغي. البعض اعتبر(بحق) الإمام الخميني بأنه حرکة سیاسة سارت علی نهج الفلسفة الصدرائية.

الموضوع الآخر هو ان جوهر المعارف الإسلامية(کالمعارف الأخری) تاريخي؛ أي انه تکون في زمن سابق، وبما انه تکون في فترة تاريخية محددة فمن الطبيعي تکون هناک علاقة بين هذا الجوهر والأعراف والممیزات الاجتماعية في تلک الفترة. نحن بحاجة إلی عقلانية اسلامية إلی عزل المعارف الإسلامية عن واقعها التاريخي(عملية التحديث). يجب تحديث المعارف الإسلامية لتکون ملائمة للعصر الراهن، وخلال ذلک یجب الحفاظ علی الاطار العام لهذه المعارف(لکي تحافظ هذه المعارف علی جوهرها الإسلامي). هذا هو الإسلام المحدي کما عبر عنه الإمام الخميني.

 

هذه قضية اساسية. المرحوم بورجردي عندما کان یعالج بعض القضایا التاريخية یتوصل إلی نتائج محددة، ثم عندما کان یقوم باسقاط الجانب التاريخي لتلک القضایا یقوم بالتوصل إلی نتائج جدیدة، وبذلک یقوم بادخال تعديله علی ما توصل له سابقا.

إن الغرب یقوم بالترويج إلی ان الدول الأخری لم تشهد تنمية. انه یستخدم الأوات والتقنية ووسائل الاعلام العالمية للتأثیر علی الرأي العام. انه یرج إلی الخیر في الغرب. کل ماهو جمیل یوجد في الغرب دون المناطق الأخری. ثم ان کافة السیئات والأزمات توجد في الدول التي لاتعتبر دولا غربية. إلی جانب هذه تشویه سمعة الشرق، تقوم القوی الغربية بالتدخل في المنطقة بهدف السیطرة علی موارد المنطقة. ان امریکا تواجدت في العراق من أجل السیطرة علی النفط. انها تعمل کل ما بوسعها من أجل البقاء في العراق للسیطرة علی الآبار النفطية.

وبالعودة للموضوع الرئيسي یمکن القول ان السبیل الوحید لتحقيق الأهداف هو صياغة نظریات تنموية بعیدا عن النظریات الغربية.  إذا اتبعنا النظريات الغربية سوف نقع في الفخ. نحن لانستطیع السیر علی النهج الغربي بهدف تحقيق التنمية متجاهلين الجوانب الاجتماعية والثقافية. لایمکن التضحية بأي جانب من الجوانب الاجتماعية في سبیل تحقيق التنمية.

القضية الأخری هي ان الأحکام الإسلامية الدالة علی ضرورة التقدم والنمو بحاجة إلی إعادة قراءة من قبل الفقهاء والمتخصصين. لایکن اعتبار کافة الأحکام الإسلامية ثابتة لاتتغیر. یجب القيام بتعدیلات عیل الأحکام الإسلامية لکن هذه التعدیلات یجب ان تتم في إطار اسلامي وآلية ذلک هي العقلانية الإسلامية.

لابد من تحديث العقلانية ایضا بهدف الوصول إلی التنمية. یجب العمل بشکل دؤوب لتحقيق هذا الطموح. ما ارید قوله هو اننا یجب ان نرکز علی العقلانية. یجب التعامل مع عملية التنمية بعقلانية؛ لأننا اذا لم ننطلق من العقلانية الإسلامية سوف نصاب بصدمات، لأننا لانتملک الأدوات التي یمتلکها الغرب، ولایمکننا اتباع المنطاهج الغربية او استخدام ادواتها من أجل تحقيق الأهداف. حتی اذا اردا احد منا اتباع المناهج الغربية في حیاته بغية التطور الاقتصادية، سوف یواجه عوائق کبیرة لأن الأنظمة الفلسفية والعقدية لمجتمعاتنا لاتسمح بتحقيق ذلک. بحسب تعبیر الدکتور شريعي؛ في هذا المجتمع لابد لنا من الانطلاق من منظار الدين في اتخاذ القرارات. فحتی لو کان الشخص غير مؤمن لایسمح له المجتمع باقيام بخوطات تتعارض مع معتقداته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.