الثقافة الاسلامیۀ
موقع إسلامي وثقافي الثقافة الاسلامية

الشهيد مطهري ومكافحة المدارس والأفكار الإلحادية

0 325

بقلم: محمد جواد قربتي
يقول الأستاذ الشهيد مرتضی مطهري، في كتابه المعنون «الحركات الإسلامية في القرن
الأخير»: إن الأفكار المنحرفة تتسرب بصورتين؛ الأولی عبر الأعداء والثانية عبر أتباع
المدارس(المصدرة لتلك الأفكار). [۱] ويصرح الشهید بأنه عندما تتطور حركة من الحركات
الاجتماعية وتؤثر علی المذاهب والتيارات الأخری؛ تقوم التیارات الأخری(المعادية) بالعمل
(عبر اتباعها) علی مواجهة أفكار وشعارت هذه الحركة الاجتماعية عبر التوغل داخل الحركة
لضربها من الداخل أو إدخال أفكار مغایرة لأهدافها وقيمها التي انطلقت من أجلها، وبذلك تقوم
بإبطال مفعول تلك الحركة أو تحد من حركتها وتعرقل تقدمها.
بعد انتشار الإسلام وتوسع رقعته أخذ أعداءه بالعمل علی استهدافه بشتی الوسائل كما عملوا
علی تحريفه. عملت بعض التیارات علی نشر أفكارها من خلال الترويج للإسلام المزيف. هذه
هي الطرقة التي استعان بها أعداء هذا الدين الحنيف من أجل إدخال الإسرائیليات،
والمجوسیات، والمانويات في الأحاديث والتفاسیر والأفكار الإسلامية. واستمرت هذه
المؤامرات والمحاولات العدوانية إلی ان قام العلماء المسلمين بالتصدي لها حيث تمكنوا-إلی
حد كبیر- من إفشال هذه المؤامرات. [۲] بعض الأحيان، ينجر أتباع الإسلام(الأصيل) وراء
المؤامرات الخادعة، بسبب عدم الوعي الصحيح بتعاليم الدين الإسلامي. إن بعض المنخدعين
وبعد الاعجاب بالأفكار المزيفة، يقومون-بوعي أو دون وعي- بنشر تلك الأفكار بوصفها
أفكار إسلامية صحيحية. علی سبیل المثال، في العصور الإسلامية الأولی، قامت بعض
الجهات بإدخال ومزج الفلسفة الاغريقية، والعادات والتقاليد الإیرانية، وكذلك تصوف الهنود
وبعض النظريات والأفكار بالمعتقدات الإسلامية بهدف خدمة الإسلام ولیس خيانته. لكن علی
الرغم من ذلك، بفضل الله ثم بفضل جهود العلماء المسلمين تم التصدي إلی تلك المحاولات؛
فالعلماء وبنظرتهم الثاقبة تناولوا هذه القضایا برؤية نقدية ترفض تحريف العقيدة وتعمل في
مسار دحض الأفكار الدخيلة على الإسلام. اليوم وبعد أن استطاعت الثورة الإسلامية في إيران
أن تتطور وتؤثر في المذاهب والمدارس الفكرية الأخری؛ نشد محاولات للتسرب داخل الثورة
للنيل من وحرفها عن مسارها الصحيح؛ انها محاولات تتم عبر الطرق التي ذكرناها آنفاً. إن
اتباع المذاهب والمدارس المادية الأخری كالمذاهب المادية يعملون علی استهداف الإسلام من
الداخل. إن هؤلاء ولأنهم علی علم بأن جيل الشباب في إيران لايتأثر بالشعارات المادية؛
أخذوا يعملون علی تمریر أهدافهم من خلال اضفاء الطابع الإسلامي علی الأفكار التي يريدون
نشرها في إيران. بطبيعة الحال، ان المعتقدات المادية التي تنقل لأذهان الشباب بطابع إسلامي
لايمكنها ان تسمر طويلا وسرعان ما تزول لأنها مزيفة.

إن تسرب الأفكار الدخيلة والتي تأخذ ظاهراً إسلامياً بعض الأحيان(سواء كان ذلك عن سوء
نية أو عدم سوء نية) تشكل خطراً جسيما علی الإسلام ومستقبله. [3] كان الشهيد مطهري
یری بأن الترويج للأفكار والاطروحات الإلحادية كالأفكار الشيوعية (الماركسية) يشكل خطراً
علی المجتمعات الإسلامية إضافة إلی جانب جرح المشاعر الإسلامية. [۴] يؤكد الشهيد
مطهري في كتابه المعنون «نقد الماركسية» : «.. القضية الأهم هي قضية التوجه نحو
الماركسية. لماذا يتوجه العالم نحو الماركسية بحيث أصبح حوالي نصف سكان العالم يؤمنون
بالماركسية والنصف الثاني ايضا يشهد ارتفاع نسبة المعجبين بالنزعة الماركسية؟ في حقيقة
الأمر، لیس صحيحاً ان نقول إن نصف سكان العالم يؤمنون بالفكر الماركسي، بل الصحيح هو
ان الماركسية تهيمن علی نصف سكان العالم. لكن مع ذلك، لايمكن تجاهل قضية نفوذ
الماركسية في الدول المختلفة وان لم تتمكن من فرض اطروحاتها علی شعوب تلك الدول،
فقضية هيمنة الفكر الماركسي علی نصف دول العالم هي في حد ذاتها، لا بد وأن تكون مسألة
ذات أهمية.» [۵] [الجدیر بالذكر ان الشهيد مطهري يشیر هنا إلی الظروف التي كانت سائدة
قبل انهيار الاتحاد السوفيتي وزوال الماركسية، لكن برغم ذلك لازالت الأفكار المادية
كالرأسمالية والليبرالية تشكل خطورة بالغة لايمكن تجاهلها.]
في إطار محاولاته وجهوده الرامية لمواجهة هذا الخطر، نظم الشهید مطهري 60 اجتماعاً
لتدريس الفلسفة في منزله في الفترة الممتدة بين عام 1978 و1979 م. نظمت تلك
الاجتماعات(الصفوف) بمشاركة عدد من الطلاب والنشطاء المؤيدين لأفكاره. [۶] في تلك
الفترة، كانت قضية فلسفة التاريخ من القضایا الأكثر تداولا في المجامع العلمية والطلابية
بحيث أخذت تطرح في نطاق واسع من قبل بعض المفكرين. ونتيجة لذلك، أصبح البعض ذا
نزعة شيوعية، وأصبحوا يتناولون القضایا المرتبطة بالمجتمع والتاریخ بنظرة مادية
وشيوعية. رداً علی هذه الموجة الجدیدة، قام الاستاذ مطهري بتنظيم هذه الصفوف التدريسية.
في البداية، قام بتحلیل بعض النصوص الشيوعية. وكان يلزم الطلاب بإلقاء محاضرات حول
النصوص التي يحللها والقضایا المرتبطة بها. وبعد فترة، أخذ الشهيد مطهري يلقي محاضرات
علمية حلل وبيّن خلالها فلسفة تاريخ القرآن الكريم. [۷] إلی جانب النشاط الديني، وانطلاقا من
قناعته بخطورة الأفكار الماركسية علی المجتمعات البشرية؛ كان الشهيد مطهري ينظم صفوفا
في تحليل وتبيين الفكر الشيوعي وذلك تحت عنوان «قراءة في الفكر الماركسي».[۸] بعبارة
أخری، كان الشهید مطهري يعمل -بشكل متواصل- علی رصد ومواجهة الأفكار المنحرفة
كأطروحات الفكر الإلحادي واتجاهاته. [۹]
____________
1 . مرتضی مطهری، نهضتهاى اسلامى درصد ساله اخیر، تهران، انتشارات صدرا، ۱۳۹۳، صص۹۳-
۹۱٫

2- مجموعه آثار، مجموعه آثار شهید مطهری، جلد‏۲۴، صص۸۷-۸۵٫
3- مرتضی مطهری، نهضتهاى اسلامى درصد ساله اخیر، پیشین، صص۹۳-۹۱٫
4 . مرتضی مطهری، یادداشت های شهید مطهری، جلد۱۰، ص۲۵٫
5 . مرتضی مطهری، مجموعه آثار شهید مطهری، جلد‏۱۳، صص۴۹۸-۴۹۷٫
6- نك: مرتضی مطهری، فلسفه تاریخ، تهران، انتشارات صدرا، ۱۳۹۵٫
7- . مرتضی مطهری، مجموعه آثار شهید مطهری، جلد‏۱۵، ص۲۸٫
8- . یعقوب توكلی، شوق استاد: درنگی در زندگی و اندیشه استاد مطهری، تهران، دفتر نشر معارف،
۱۳۹۳، صص۳۲-۳۰٫
9 . غلامحسین گیاهی، ناگفته‌هایی از زندگی استاد مطهری: خاطرات جمعی از بستگان استاد و مردم
فریمان، مشهد، انتشارات همیاران جوان،۱۳۸۶، ص۸۰٫

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.