الثقافة الاسلامیۀ
موقع إسلامي وثقافي الثقافة الاسلامية

مسار العز والانتصارات.. استمرار المسار التصاعدي للجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة

0 295

مسار العز والانتصارات..

استمرار المسار التصاعدي للجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة

 

حسين الکربلايي

 

إن قوى الهيمنة العالمية والإستكبار العالمي ومن خلال حياکة المؤامرات و المراهنة علی إثارة الفوضی وأعمال الشغب، سعت إلی ضرب الثورة الإسلامية، وإخضاع إيران؛ القلب النابض لمحور المقاومة، لكنها فشلت في مسعاها برغم محاولتها المكشوفة وتوظيفها المکثف لوسائل الاعلام وجميع الإمكانات المادية والبشرية للتأثير علی الداخل. وتمکنت إيران من إفشال المؤامرة بعد مرور أيام من انطلاقها الأمر الذي اعترفت به “إسرائيل” في الأيام الأولی معلنة أن التحرك المناهض للنظام قد فشل فإن الرهان عليه لن يؤدي إلى نتائج.

منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م حتی يومنا هذا، اطلقت الولایات المتحدة الأميرکية والدول الغربية عدة مؤامرات ضد هذه الثورة بهدف ثنيها عن مواصلة الطريق، فهي وخلال الـ44 الماضية لم تألوا جهداً في سبيل تحقيق هذا الهدف لکنها عادت بخفي حنين. وفي جميع تلك المؤامرات کان النصر من نصيب الضمير اليقظ للشعب الإيراني وقيادته الحيکمة. إن هذه الصورة هي تعبير حقيقي عن التاريخ الشيعي، فکلما وقف الشعب إلی جانب الإمام، تحققت الانتصارات وتبددت مکائد العدو، و کلما ابتعد الشعب عن إمامه، تمکن الأعداء من تمرير مخططاتهم و ما دبّروه من مكائد.

هذه الحقيقة کانت واضحة للعدو، فقد سعی إلی فرض حقائق جدیدة للتأثير علی الرأی العام واحداث شرخ بين الشعب وقيادة النظام، لکن جميع المحاولات التي بذلت في هذا المسار باءت بالفلشل. إن المؤامرة الأخيرة التي اطلقت بإستهداف شخصية قائدة الثورة الإسلامية أفشلت بواسطة الشعب الذي أعلن عن کامل دعمه وتأييده للنظام وقائده حيث نزل إلی الشارع ورفع شعارات مؤيدة لولاية الفقيه ودعما للنظام الإسلامي.

لقد شن الکیان الصهيوني انواع الهجمات ضد الشعب الفلسطیني و کذلك ضد الشعب اللبناني بهدف حسم بعض القضایا وتغيير المعادلات هناك لکنه فشل في تحقيق مبتغاه. وقام بتکرار تلك التجربة في إيران لکنه ایضا فشل في بلوغ مراده بسبب الصمود الشعبي المعزز بالبصيرة، ونتيجة للفشل المتواصل الذي مني به الصهاينة، أصبح الکيان الصهيوني اليوم يعيش أزمات مستجدة.

من جهتها سعت السعودية ومن خلال ضخ الأموال ودعم وسائل الاعلام الناطقة بالفارسية المناهضة للنظام؛ سعت  -بحسب تصریح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان- إلی نقل المعركة إلى إيران، لکنها وعلی العکس من ذلك وجدت نفسها أمام ضغوط متزايدة بحيث اضطرت إلی إرسال وفد إلی صنعاء للتفاوض مع حرکة انصارالله لإقناعها بوقف إطلاق النار ولاحقا إقناع الحركة بتمديد اتفاق وقف إطلاق النار.

لتحليل هذه المعادلة الإقليمية، يجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:

1-مما لاشک فيه هو ان إيران تحول إلی قوة اقليمية عظمی قادرة علی تغییر موزان القوی السياسية والعسکرية لصالح شعبها ومصالحها الوطنية. إن تکرار المؤامرات البائسة بين الفينة والأخری أمر طبيعي، فإفشال المؤامرة التي انطلقت في الأيام الأخيرة لايعني نهاية المحاولات الخبيثة. تتطلب هذه الحقيقة أن يكون كل أطراف محور المقاومة دائمًا في حالة تأهب واستعداد للتصدی للمؤامرات التي تحاك ضد بلدان المحور في المستقبل. إذن لا ينبغي التهاون في الاستعداد لمواجهة التحديات. ثم أن الاستعداد لمواجهة التحديات يساهم في تحويل المخاطر إلی فرص وبناء واقع جدید يصب في مصلحة دول محور المقاومة.

2- لاشک أن النصر الإلهي يلعب دوراً کبيراً في المعادلات، فلاعجب أن يجعل الله سبحانه وتعالی العدو ومايقوم به من اجراءات سببأ لتحقيق الانتصارات. علی سبیل المثال نشير إلی الدعاية الإعلامية حول إرسال طهران أسلحة وطائرات مسيّرة لاستخدامها في الحرب الأوكرانية هو دلالة واضحة تؤکد العناية الإلهية. إيران نفت تزويد روسيا بالطائرات المسيرة لکن الدعاية الإعلامية انتهت لصالح محور المقاومة، لأن العالم وبدعايته هذه اعترف بتعاظم قدرات إيران العسکرية. لو افترضنا أن مانشر في وسائل الاعلام حول تزويد روسيا بالطائرات المسيرة الإيرانية قائم علی معلومات صحيحة، فإن ذلک إن دل علی شيء فإنما يدل علی قدرة المعدات العسکرية الإيرانية حيث أنها تمکنت من تدمير معدات عسکرية حصلت عليها أوکرانيا مقابل دفع مليارات الدولارات للدول الأوروبية، والمعروف -وبحسب المزاعم النشورة من قبل وسائل الإعلام الغربية-، أن المسيرات الإيرانية تتميز بأنها أقل في السعر لکنها استطاعت أن تفعل ما لم تستطع فعله الآلة الحربية الغربية الباهضة الثمن.

3-هذه النصرة الإلهية لم تشمل إيران فقط، بل شملت حزب الله اللبناني ایضا. إن لبنان خاض مفاوضات ترسيم الحدود البحرية التي أجريت بواسطة أميرکية، بأيد خالية، و قبل انطلاق المفاوضات کان يعلم بأن أي مفاوضات تجری بوساطة أميرکية ستکون لصالح الکیان الصهيوني، لکن دخول حزب الله في هذه المعادلة وتأکيده علی استهداف حقل “كاريش” إذا لم تتحقق مطالب لبنان، غيَر المعادلات لصالح لبنان. اعلان حزب الله اللبناني، بأنه أطلق 3 طائرات مسيرة غير مسلحة تجاه ‏المنطقة المتنازع عليها مع “إسرائيل” عند حقل “كاريش” جعل إسرائيل تأخذ بجدية تهديدات حزب الله.

أصبح الاحتلال يتعاطى مع تهديدات نصر الله بكامل الجدية، دون أن تطلق المقاومة في لبنان رصاصة واحدة. استطاعت المقاومة أن تحقق ماتريد لأن قدرات حزب الله تتعاظم وتزداد معها معادلات الردع وقوة الردع. لقد حدد السيد نصرالله سقفا زمنيا للإتجابة لمطالب لبنان، الأمر الذي دفع العدو للموافقة علی اعتبار الخط 23 أساسًا للتفاوض. ونتيجة لإستسلام کيان الاحتلال للسيد نصرالله، باتت إسرائيل تعيش تحديات وجدل سياسي واسع وهي مقبلة علی انتخابات مبکرة.

4-في فلسطين ظهرت مجموعة عرين الأسود المقاومة. لقد أعنت هذه المجموعة بأنها لاتنتمي لأي حزب ولاحرکة وأنها تؤمن بالمقاومة المسلحة وتعمل علی استعادة حقوق الشعب الفلسطیني. وأعلنت المجموعة مسؤولياتها عن تنفيذ عدة عمليات مسلحة خلال مرور بضع أيام علی ظهورها، کما دعت أبناء الشعب الفلسطیني لاستنفار و التكبير. ویری مراقبون أن ظهور هذه المجموعة هو امتداد طبيعي للمقاومة وکذلک دلالة علی أن الشعب الفلسطیني متمسک بخيار المقاومة رافضا خيار التسوية الذي يتبناه محمود عباس. هذا التطور يشکل خطراً کبيرا علی مستقبل الاحتلال الإسرائيلي ويجعله أمام تحديیات خطيرة.

بعض عناصر مجموعة عرين هو أولاد لآباء يخدمون في أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، ومنهم من هو عنصر من عناصر هذه الأجهزة، الأمر الذي تنظره إسرائيل ببالغ الخطورة ومزيد من الرعب والتوجس. التطورات في الضفة الغربية ستشجع مزيداً من عناصر الأجهزة الأمنية على الانضمام إلی مجموعة عرين الأسود، فالسلاح الذي اعطته اسرائیل للسطلة لمواجهة المقاومة، سوف يستخدم ضد أمن اليکان ومستوطنيه.

5-في اليمن، عقب انتهاء الهدنة الإنسانية في البلاد، وفشل جهود الأمم المتحدة في التوصل لإتفاق تمدید الهدنة، أعلن قائد انصار الله، السيد عبدالملک الحوثي أن “الهدنة التي لم يلتزم التحالف بتنفيذ بنودها مثلت تجربة صادمة ومخيبة للآمال ولا يمكن تكرارها في المستقبل” إلا إذا استجاب السعودية لمطالب انصارالله. وبعد هذه التهدید، بادرت السعودية إلی ارسال وفد لصنعاء لإجراء تمهيدات عملية تبادل الأسری. کما وافقت الریاض علی دفع مستحقات موظفي صنعاء. لکن حرکة انصار الله اعلنت بأن هذه الخطوات غير کافية لذلک يجب علی السعودية اعطاء ضمانات حول تخصيص نسب من النفط اليمني لصنعاء، وفي حال رفض السعودية توزيع عوائد نفط مأرب وشبوه (وهما المحافظتان الغنيتان بالنفط)، فان خيار استهداف المنشآت النفطية السعودية علی الطاولة.

6-في العراق، استطاعت التيارات الموالية للمقاومة أن تحقق انتصارا کبیرا. في الانتخابات التشريعية المبكرة التي أجريت العام الماضي، تمکن التسارات الموالية للمقاومة(الإطار التنسيقي) من تحقیق الانتصار. وبينما سعی الإطار التنسيقي إلى تشكيل حكومة محاصصة توافقية، لکن تدخلات القوی الخارجية وعلی رأسها السعودية، وترکيا، وأميرکا والإمارات، حالت دون ذلک، ما أدی إلی انسداد سياسي وتعطل تشكيل حكومة عراقية جديدة. واستمرت هذه المؤامرة عام واحد، لکن في نهاية المطاف انهيار تحالف الفتنة بعد أن أعلن زعيم التيار الصدري اعتزال تياره العمل السياسي، وتمكن الإطار التنسيقي بالتعاون مع الكتل الأخرى من تمرير اختيار رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، و محمد شياع السوداني لتولي منصب رئاسة الوزراء.

الانتصار الذي تحقق في العراق علی حساب المؤامرات الغربية العربية، اتاح الفرصة أمام قوی المقاومة لبذل المزيد من الجهد والعطاء لخدمة أبناء الشعب العراقي الذي بات أحد أقطاب محور المقاومة.

7-لقد أثمرت جهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية و حزب الله اللبناني التي بذلت لإزالة التوتر بين اطراف محور المقاومة، فقد زار مؤخرا وفد من حركة حماس دمشق والتقی بالرئيس السوري، بشار الأسد. وأعلن الطرفان طي صفحة الماضي والاتفاق علی التعاون المشترک في المستقبل مع الاتفاق علی إعادة فتح مکتب حماس في دمشق، التطور الذي واجه تحريبا واسعاً من قبل أطراف محور المقاومة فيما أثار قلق الکیان الصهيوني وزاد مخاوفه.

لاشک أن بذل المزيد من الجهود لإزالة التوتر بين أطراف المقاومة وخلق بيئة عمل مشترکة بين أطرافها سيوفت الفرصة علی الأعداء ويغلق الأبواب أمام اختراقات تهدف للنيل من محور المقاومة فتعاظم قدرات المقاومة هو نتيجة مباشرة للعمل المشترک بين اطراف المقاومة.

مما لاشك فيه أن وضع محور المقاومة أصبح اليوم مختلفاً بعد أن تمکن من تجاوز جميع العقبات من جهة وتحقيق انتصارات عظيمة من جهة ثانية، حتی أصبحنا نری بوضوح ميلان الكفّة لصالح محور المقاومة، فماتحقق من انتصارات يکل حافزاً لمواصلة الطريق وتعزيز القدرات لتنفيذ خططه المستقبلية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.