الثقافة الاسلامیۀ
موقع إسلامي وثقافي الثقافة الاسلامية

الحرية والأمن في خطاب الشهيد مطهري

0 410

الملخص

إن خطاب الثورة الإسلامية ونهضة الشعب الإیراني منبعثة من الأفکار والأهداف والقيم الالهية المتسخرجة من الأحکام والتعاليم الإسلامية، وتجلت هذه الأفکار والقيم في خطاب وأفکار ورؤی علماء ومفکري الثورة الإسلامية. تسعی هذه الدراسة لتبیین المفاهيم السیاسية في خطاب الثورة الإسلامية بناء علی آراء الشهید مرتضی مطهري وأفکاره.

إن دراسة مؤلفات الشهيد مطهري وخطاباته تؤکد بأن المفاهيم والمصطلحات السیاسية الخاصة بالثورة الإسلامية والتي استخدمها ورکز علیها الشهید؛ حملت في طیاتها دلالات مستلهمة من القيم الاسلامية، وفي الکثر من الأحیان تضمنت خطابا نقدیا للمفاهيم السیاسية الغربية، وبذلک ساهم الشهيد مطهري في عملية صیاغة المفاهيم السیاسية في الخطاب السیاسي للثورة الإسلامية.

یظهر من خلال أقوال وخطابات الشهید مطهري، ان الشهید یقوم بمعالجة المفاهيم والمصطلحات الدخيلة بنظرة نقدة، ومن خلال ذلک یقوم بتبیین ماهیتها. کما تظهر مواقف الشهید من خلال هذه الخطابات تجاه الادبیات السیاسية الرائجة في الاطار المفاهيمي.

من المفاهيم السیاسية الهامة والبارزة في فکر الشهید مطهري یمکن الاشارة إلی: الهوية، والأمن، والاستقلال، والمشارکة الجماعية، والتطور الاجتماعي، والقوة، والثورة الإسلامية، والنظام السیاسي الولائي(نظام ولي الفقيه)، والسیاسة الاسلامية، والحرية والعدل والمساواة. وکل مفهوم من هذه المفاهيم یتم تحلیله وتبیینه بشکل خاص ومستقل.

المقدمة

إن هناک خلفیات ومنطلقات فکرية تقف وراء کل حدث من الأحداث التاريخية، فللأفکار والرؤی السیاسية دور اساسي في المسارات التاريخية. في بداية الأمر یجب التأکید علی انه لایمکن اعتبار أي فکر مرتبط بالسیاسة بأنه سياسي الخلفية. الرؤية والفکر السیاسي(المقصود المنظومة الفکرية) هو عبارة عن طریقة تفکیر ورؤية منسجمة ذات اطار یتعلق بالسیاسة. ان لهذا الأطار والهيکلية الفکرية المنسجمة، مکونات وعناصر ومفاهيم خاصة توضح کيفية تعریف العلاقة بین المؤلفات وربطها ببعض، وبذلک یتحول المنهج السیاسي الخاص إلی نظام خاص یتمیز بمواصفات تمیزه عن باقي الأنظمة الفکرية.

أما غاية الفکر السیاسي وطموحه هو ایجاد حلول للأزمات التي يعاني منها المجتمع. ان الفائدة العملية للمناهج السیاسية تتخلص في رسم خارطة الطریق لتطور المجتمع، وتحسین العلاقة بین الشعوب والحکومات، و مساعدة الأنظمة السیاسية علی امتلاک رؤية أکثر فاعلية، ودعم حقوق الشعب وتحدید وظائف وتکالیف الشعوب والحکومات. إن الفکر السیاسي یؤثر بشکل کبیر علی سلوکیات الأفراد وردود الأفعال الانسانية إذ ان تصرفات الأفراد هي نتيجة لأفکار الشخص ومعتقداته. إذن یؤثر الفکر السیاسي علی المطالب والطموحات الاجتماعية للأفراد. وعلیه یکون الفکر السیاسي عبارة عن محاولة لتحدید اهداف معقولة قابلة للتحقق، وکما انه محاولة لتحدید آلیات وادوات تتوفر للجمیع ویمکن من خلالها تحقیق تلک الأهداف والطموحات.

 

ان هذه الميزة تدل علی ان الفکر السیاسي لیس شیئا انتزاعیا ثابتا بل هو عملية تقوم برسم وتحدید الاهداف الاجتماعية والسیاسية برؤية منطقية وبحسب متطلبات العصر وحاجات المجتمعات الحدیثة. من هذا المنطق یمکن القول إن الشهید مطهري کان مفکرا سیاسيا مسلما بکل ما تحمله الکلمة من معنی. إن رؤية الشهید حول الشؤون السیاسية وعلاقتها بالمجتمع کانت رؤية ممنهجة ذات اطر محددة، لذا فان ما قام به الشهید في هذا المجال یعتبر خطوة متقدمة في مجال معرفة الفکر السیاسي الاسلامي. ان الشهید مطهري کان یراعي جانب العقل والاعتدال في طرح آرائه السیاسية، فقد کان یوظف العقل کأداة لمعرفة الأزمات الاجتماعية السیاسية، وهذه العقلانية تستند إلی الأحکام الاسلامية، فالاعتماد علی التعاليم الالهية یحول دون الانجرار وراء الفکر الذي یوظف العقلانية الآلية الغربية التي تجلت في ما یسمی بعصر التنویر المادي. کان الشهید مطهري يؤکد علی وجود علاقة بين قرابة العقل والدين، لذا فانه لم یکن یؤمن بفصل هذا عن ذاک. هذه المیزة هي التي جعلت فکر الشهید یتمتع بمیزات فريدة بحیث أصبح الرجوع إلی أفکار الشهید مطهري ضرورة ملحة لمجتمعنا في الوقت الراهن، ذلک لأن مجتمعنا إضافة إلی کونه مجتمعا اسلاميا یقوم باتخاذ خطوات في سبیل التقدم والرقي المادي والمعنوي، لابد له من الاستنجاد بالمنظومة الفکرية للهشید مطهري من أجل الاستمرار بمسیرته وتحقیق الغایات والأهداف المرجوة.

جهود الشهيد مطهري کانت تستند إلی استخدام العقل في تحلیل القضایا الدينية، فالشهید إضافة إلی الاعتماد علی العقلانية المتنورة، کانت یسعی لمعالجة القضایا المرتبطة بضعف فترة التنویر الفکري في الغرب والنظرة الاحادية للعقل في تلک الفترة وذلک عبر الاعتماد علی الاصول والاحکام الاسلامية. (2)

الجدیر بالذکر ان الشهید مطهري وان کان یتطرق ویعالج المفاهيم السیاسية والاجتماعية من منظار اسلامي لکن قسما کبیرا من آرائه وأفکاره السیاسية کانت متأثرة بالتطورات والأحداث السیاسية التي شهدتها ایران في سبعینیات القرن الماضي وبتبع ذلک الخطاب الثوري، لذلک کانت افکار الشهید مطهري عبارة عن تلفيق بین الأصول العقدية والأحداث السیاسية التي شهدتها ایران آنذاک.

ان الشهید مطهري کان یسعی من جهة لتحقيق الأهداف الإسلامية في النظام والحکومة الإسلامية(کان یری بأن هذه الاهداف تتحقق فقط علی ضوء نظرية الامامة)، ومن جهة ثانية کان یبحث عن فکر خاص لانشاء دولة تعمل لضمان حقوق کافة الأفراد بشکل متساو. کان یری بأن الحکومة المثالية هي التي تضمن حقوق الشعب وتطمح لتحقيق مطالبه. وکان یری ایضا بأن العمل والنشاط السیاسي دون خلفية أيدولوجية اسلامي لایمکنه ان یثمر، لذا فانه وإلی جانب نشاطاته السیاسية، کان یقوم بتنویر جیل الشباب من خلال خطاباته وعبر مؤلفاته العلمية والفلسفية والاجتماعية وبذلک دعم عملية التنویر وساهم في استمرارها.

سعی الشهید مطهري لنقد الأفکار المنحرفة والدخيلة، وقام باستخراج الأفکار السیاسية الاسلامية الصحيحة ثم قام تبيينها للمجتمع. کان الشهید یقوم بطرح آرائه بعناية وحساسية تامة، الأمر الذي ساهم في تطور أفکار الشهید وعزز دیمومتها.

في الفترة التي کانت النظریات والمکاتب المادية الاستعمارية(المارکسية، الوجودية، واللیبرالية والقومية) اخذت تتمدد في البلدان والمجتمعات الاسلامية وبتبع ذلک تأثر العدید من المفکرین بالأفکار التي تروج لها تلک المکاتب الغربية؛ قام الشهید مطهري بمواجهة الانحرافات الفکرية عبر الاعتماد علی التعاليم والقيم الاسلامية.

ان غالبية آراء الشهید مطهري في مجال السیاسية کانت ترتبط بالقضایا المرتبطة بالنظام السیاسي(الاسلامي)، لکنه بشکل کامل لم یتجاهل القضایا الاجتماعية الأخری.(3)

فيما يلي سنقوم بتحلیل بعض المفاهيم السياسية(الهامة) في خطاب الثورة الإسلامية والتي تجلت في فکر الشهيد مطهري، وخلال ذلک سنقوم بتبیین بعض المفاهيم البارزة في خطاب الشهيد کالحرية والاستقلال والهوية والوطنية والنظام السیاسي الولايي(نظام الولي الفقيه)، الثورة الاسلامية، والأمن والعدالة و..الخ.

1-الحرية

یری العدید من المحققين ان الحرية لیست حقا واحدا کباقي الحقوق، بل هي عبارة عن تمتع الانسان بمجموعة من الحقوق. علی سبیل المثال، ان الانسان یجب ان یتمتع بحق العیش، وحق تقریر المصیر إلی جانب حقوق اسیاسية أخری بالإضافة إلی حق آخر یسمی حق الحرية. الحرية هي مفهوم مرادف للحق أو نتيجة له، وهذا یعني ان مراعاة الحق يؤدي إلی تحقق الحرية.(4) إن الاسلام إلی جانب کونه دینا اجتماعیا یعتبر الفرد مسؤولا عن تصرفاته، لایتجاهل حقوق وحریات الأفراد بل يؤکد علی ضرورة ضمانها.(5) من جهته یری الشهید مطهري أن مکتب الانبیاء وارسل یؤکد علی ضرورة ضمان الحريات الاجتماعية وهذا ما یمیز هذا المکتب عن المکاتب المادية. إن الشهید مطهري یری ان الحرية الاجتماعية الحقيقية یمکنها ان تساهم في التقدم والنمو الاجتماعي، وتربية الافراد وتنمیتهم، کما تساعد علی التخلص من التبعية والعبودية، واحترام الکرامة الانسانية وبالتالي تنمية الابعاد المعنوية الانسانية. وعلیه یمکن القول إن السعادة والکمال في هذا العالم والآخرة مرهون بالحرية وتقييمها بمفاهيم مختلفة کالعدالة والاخلاف، والمصالح الفردية والعامة والسعادة والحقوق العامة ومکانة الانسان في المجتمع. (6)

إن الانسان بحکم قوة العقل والعلم والارادة والایمان یقوم بتغییرات في بعض الأمور حیث یقوم بتکییفها لرغباته، وبذلک یکون مالکا لمصیره. (7)

 الحرية في فکر الشهید مطهري تنقسم إلی قسمین اساسیین؛ الحرية المعنوية والحرية الاجتماعية. وبناء علی هذا التقسیم الثنائي للحرية یستنتج بأن الحرية بوصفها أحد مظاهر الکمال، هي اداة مبنية علی الحق والادارة والفطرة الانسانية لکن لها حدود محددة.(8) یشیر الشهید مطهري إلی هذه القسمین ویقول: «في الحرية المعنوية علی العکس من الحرية الاجتماعية، حرية الفرد تؤخذ من نفسه. أما الحرية الاجتماعية هي حرية الانسان من القیود والتبعية للآخرین، لکن الحرية المعنوية نوع خاص من الحرية، فهي عبارة عن حرية الفرد من نفسه.»(9). ان ضمان الحرية-التي یتحدث عنها الشهید مطهري- في المجالات السیاسية والاجتماعية، يؤدي إلی الحفاظ علی حق تقریر المصیر وحرية الانتخاب، وحرية الرأي والمشارکة السیاسية، وحق ابداء الرأي، وامتلاک توجیه النقد البناء للمسؤولین، وفرض الرقابة علی الوکلاء الاقتصاديين في النظام الديمقراطي، وحرية الاحزاب السیاسية، وبالتالي تنعکس في نشاط وتصرفات الاحزاب السیاسية. (10) وعلی هذا تعتبر الحرية واحدة من أساسیات الحياة والتکامل، أي ان الحرية ضرورة للکائنات الحية.(11)

ویشیر الشهید إلی مفهوم الحرية ویقول: الحرية تعنی تخلص الفرد من القيود التي تمنعه من الکمال أو تمنعه من ممارسة نشاطاته نحو الکمال. الجمادات فقط لاتحتاج إلی الحرية؛ لکن باقي الکائنات الحية کالأعشاب والحیوانات والانسان بحاجة للحرية لذا یجب ان لاتکون أمام هذه الکائنات أي قيود تمنعها من النمو والکمال. ان الجماد لایحتاج إلی الحرية لانه لایحتاج إلی النمو والتکمال، لکن الکائنات الحية(الأعشاب والحیوانات والانسان) بسبب حاجتها للنمو والتکامل الفردي والاجتماعي تحتاج إلی مساحة خالية من العوائق والقيود لکي تستطیع اکمال طریقها. (12)

إن دراسة مؤلفات الشهید مطهري في هذا المجال تؤکد بانه لو سلبت حرية الانسان وحق اختیاره، وکان مسیرا اما مشيئة الله وارداته، في هذه الحالة لامعنی للکتلیف والجزاء والعقاب. (13) وعلیه ان الحرية تعني الاختیار، وان الانسان بین کافة المخلوقات هو الکائن الوحید المخیر في تحدید طریقه، وبتعبیر أدق هو الذي یختار نفسه. بالحريظ یمکن للانسان ان یصل إلی أعلی واسمی الدرجات، ویمکنه ان ینزل إلی اسفل اسلفلین. الحرية بحد ذاتها لاتعنی کمال البشرية، بل هي وسیلة لذلک؛ اي ان الانسان لو لم یکن حرا لایمکنه ان یکتسب الکمالات الانسانية.(14) ان الشهید مطهري وفي کتاب الانسان الکامل یذکر بأن الاسلام اعترف بالحرية کقيمة من القيم البشرية، لکن هذه القيمة لیست قيمة فریدة، وهذه الحرية لیست تلک التي یتم الحدیث عنها بتعابیر وتفاسیر مختلفة، بل المقصود هو الحرية الحقيقية. (15) ووفقا لذلک ان الحرية تعني عدم وجود قيود امام مواهب کافة الافراد وهذه میزة لکافة ابناء البشر. (16)

یتضح من خلال ما تقدم ذکره، ان الشهید مطهري یقوم بنقد الحرية بوصفها عملية التحرر من کافة القيود، ویذکر بأنه من المستحیل ان نجد کائنا-انسانا کان أم غیر انسان- یمکنه السیر نحو الکمال دون ان تقیید نفسه والاعتراف بحدود خاصة. فالحرية تعني التخلص (وفي الجانب الإيجابي للتحرير ، أي الحساسية) من القيود والحواجز التي تحول دون تنمية المواهب الانسانية.

 

 

ان الانسان وبحسب الفطرة الالهية یمتلک مواهب فکرية وفنية وجسمية ومعنوية لابد له من اظهارها، لذا لایحق للآخرین منع الانسان من القیام بذلک. إذن الحرية تعني التحرر من الحواجز والقیود.(17)

في تفسیره لقوله تعالی: «وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاها. وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها»، یشیر الشهید مطهري إلی عدة نقاط ترتبط بالحرية ویقول: إن الفلاح والحرية الحقيقية للانسان، أما المجتمع الانساني یمتلک انواع مختلفة من الحرية؛ حرية اجتماعية واقتصادية وسیاسية وفکرية وروحية. ومن بین هذه الأنواع تعتبر الحرية الروحية هي اساس کافة الحریات؛ ومعنی ذلک ان فقدان هذه الحرية یؤثر في فلاح الانسان وتخلصه من القیود. (18)

2-الأمن

لغویا توجد علاقة بین الایمان والأمن؛ وعلی هذا الأساس یشیر الشهید مطهري في کتابه “التعرف علی القرآن”، الی ان “الایمان” مأخوذ من مادة “الأمن” و”الأمان”. ویضیف: ان الانسان لو آمن بحقيقة ماورائية بعدما کان قلق بشأنها، یشعر بالأمن والطمئنينة. مفردة”آمن” من باب افعال ویبدو انها من الانواع التي تعطي معنی الصرورة؛ إذن آمَنَ تعني «صارَ ذا امْنٍ »، و«آمَنَ بِاللّهِ» یعنى صارَ ذا امْنٍ بِاللّهِ. أي انه عرف الله وآمن به وبذلک حصل علی الأمن والطمئنينة. (19) ان الأمن في فکر الشهید مطهري یعد بمثابة رأس مال یمکله الانسان في حیاته. (20) لقد جاء في احد خطاباته: یعد الأمن أحد مقدسات البشر. (21) ویری الشهید مطهري ان انعدام الأمن یسبب عدم التمتع بالنعم کما ینبغي أو سوء استخدامها وبالتالي یشعر الانسان بعداوة مع النعم نفسها. (22) وفي الجهة المقابلة للأمن تتواجد الهواجس والخوف والقلق. (23)

 

في معرض رده علی سؤال “ماهو الأمن” یقول الشهید مطهري:

الکائن الحي یمتلک شیئا، لدیه حیاة، ویمتلک ادواة العیش؛ إذن یجب ان ینعم بالأمن لکي لایسلب منه ما یمتلکه؛ أي لاتسلب حقوقه من قبل عدو أو قوة خارجية. لنأخذ الانسان کمثال؛ الانسان یحتاج إلی التعليم والتربية وکذلک إلی الأمن؛ لدیه نفس لایمکن سلبها، ولدیه ثروات وممتلکات لایمکن سلبها، ولدیه صحة لایمکن سلبها، عدم سلب کل ما یمتلکه الانسان(یعني الأمن).(24) ویری الشهید مطهري: ان بعض الأفراد أو بعض الشعوب عندما تنعم بالأمن والرفاه، تنجر نحو الملذات وفي النهاية تسقط في هاوية الذل والمهانة، في حین تنهض بعض الشعب التي تعیش تحت وطأة التعاسة والمجاعة وتثور وبالتالي تستعید عزتها وکرامتها. (25) ووفقا لاستنتاجات الشهید مطهري، یجب علی الحکومة ان تتعامل بصرامة مع المخلین بالأمن الاجتماعي. (26) وعلی الحاکم الاسلامي ایضا القیام بمعاقبة الأفراد الذین یحملون السلاح بهدف خلق أجواء الرعب والخوف بین الناس. (27)

 

یعتقد الشهید مطهري أن العلم وکذلك الایمان یعطيان الإنسان مدنية. العلم یجلب الشعور بالأمان الخارجي والامان يجلب الشعور بالأمان الداخلي(النفسي). العلم یعطي الأمان في مواجهة الأمراض والسیول والزلازل والعواصف، لکن الامان یوفر ذلک في مواجهة  الاضطرابات النفسية والشعور بالوحدة والعدمية.. إن العلم یجعل العالم متناسقا مع الانسان، أما الایمان یجعل الإنسان متناسقا مع نفسه.»( ۲۸) علی هذا الأساس، لا یتوافر الأمن إلا بالديانة والایمان؛ وقد أشار الشهيد مطهري إلی هذه القضية بقوله: « لایمکن الوثوق بالشخص الذي لايؤمن بشيء. فالحياة التي لایسودها الأمن والثقة والاطمئنان هي حياة مکدرة یسودها القلق والخوف والاضطراب والهواجس.»(29) لقد اهتم البعض بالنظم والأمن عناية فائقة حتی وصل الأمر بهم إلی ضرورة حصر الاهتمام بالنظم والأمن علی حساب العدل والحرية؛ أي انهم وبحجة النظم والأمن، قاموا باتخاذ اجراءات حالت دون التقدم والرقي في مجال الحرية وهذا ما یریده الطغاة بالضبط. ان المستبدين والطغاة علی مر التاريخ قاموا بتجاهل الحرية التي هي أعلی المواهب الالهية إضافة إلی انها جوهر الانسانية، وبذلک ابتعدوا عن العدالة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.